وعليه، فجعل موضوع البحث مطلق من كان قاطعا بالحكم ولو لم يكن له اثر عملي بالنسبة إليه ليس كما ينبغي، بل لا بد من أن يقيد متعلق القطع وغيره بما إذا كان ذا أثر عملي بالنسبة إلى المكلف نفسه.
وقد أجيب عن هذا الاشكال: بان مقتضى أدلة الافتاء والاستفتاء تنزيل المجتهد منزلة المقلد، فقيام الامارة عند المجتهد قيام لها عند المقلد، ويقين المجتهد وشكه بمنزلة يقين المقلد وشكه، وإلا لكان الحكم بجواز الافتاء والاستفتاء لغوا (1).
والانصاف: ان الاشكال المزبور أجنبي عما نحن فيه، بل هو يرتبط بمقام آخر، فان ما نحن فيه هو تقسيم حالات المكلف بلحاظ الأبحاث الأصولية الآتية، ومن الواضح ان ما يبحث فيه في باب الخبر هو أصل حجيته واعتباره بنحو القضية الحقيقية، وهكذا البحث في الاستصحاب، فإنه يقع عن حجية الاستصحاب للموضوع الخاص. اما تعيين موارد صحة التعبد وتحقق الموضوع، فليس يرتبط بأبحاث الأصول بل هو مرتبط بالبحث الفقهي.
اذن فما ذكر من الاشكال لا ينفي البحث عن حجية الخبر والاستصحاب وغيرهما بنحو مطلق، لأنه يرتبط بمقام البحث عن أن الخبر أو الاستصحاب في حق هذا الشخص هل هو حجة أولا، باعتبار انه ليس بذي أثر عملي، وهذا أجنبي عن البحث الأصولي، إذ البحث الأصولي كما عرفت في حجية الاستصحاب، يشترط فيه بنحو كلي ثبوت الأثر العملي، اما ان هذا المورد من موارده أولا فليس من شأن الأصول.
فما ذكر من الاشكال يرتبط بمقام آخر وهو مقام بيان ان المجتهد، موضوع للامارة أو الأصل المتكفلين لحكم غيره أولا؟ وهذا ليس محلا للبحث