للمجتهد العلم بحكمه بمقتضى الاستصحاب. لان يقين المجتهد وشكه لا ينفعان، ولا يقين ولا شك للمقلد كي يثبت في حقه الحكم الظاهري. وبعبارة أخرى:
الحكم الثابت للمقلد الذي يحاول المجتهد الوصول إليه مقيد موضوعه بما لا يتحقق له في المقلد، فلا يكون حكما للمقلد لعدم موضوعه. فلا يتحقق للمجتهد علم بحكم المقلد الظاهري الفعلي ولذا لا يكون الاستصحاب الجاري في حق شحص إذا حصل له اليقين والشك، جاريا في حق غيره إذا لم يحصل له اليقين والشك، ولا تترتب عليه آثاره.
وليس كذلك الحال في الحكم الثابت في باب الامارة، إذ لم يؤخذ في موضوعه اليقين السابق كي يدعى انتفاؤه لدى المقلد، بل لم يؤخذ في موضوعه إلا عدم العلم بالواقع، وهو متحقق لديه - عليه الفرض والا لم يكن مقلدا - فيثبت الحكم الظاهري في حقه، فيمكن للمجتهد العلم به.
ولكن نقول: انه تارة نلتزم في باب الاستصحاب بما هو صريح صاحب الكفاية وظاهر الشيخ في بعض المواطن - كما سيأتي ان شاء الله تعالى - من أن اليقين والشك مستعملان في أدلة الاستصحاب بنحو الاستعمال الكنائي من دون مدخلية لهما أصلا، فيراد بهما المتيقن والمشكوك، ويكون مفاد أدلة الاستصحاب هو اعتبار بقاء الحادث. وبعبارة أخرى: مفادها اعتبار الملازمة بين الحدوث والبقاء وبذلك دفع صاحب الكفاية الاشكال في جريان الاستصحاب في الأحكام الثابتة حدوثا بدليل تعبدي، من جهة عدم اليقين بالحدوث، إذ لا يحتاج مع هذا إلى وجود اليقين بالحدوث، بل ثبوت الحدوث بأي دليل يكفي لاثبات البقاء، بعد كون مفاد دليل الاستصحاب هو الملازمة بين الحدوث والبقاء، فما يدل على الحدوث يدل على البقاء بالملازمة بعد ضميمة الحكم بالملازمة بمقتضى الاستصحاب.
وبالجملة: تارة نقول بإلغاء صفة اليقين والشك عن الموضوعية بالمرة