للقوة العقلائية ومنافرة المعصية لها. ولا يخفى ان هذا التقبيح والتحسين يتعلقان بالأفعال الاختيارية، اما الفعل غير الاختياري فلا يلائم ولا ينافر القوة العقلية، بل هو بلحاظ هذه القوة على حد سواء، وان كان قد يختلف بلحاظ غيرها من قوى النفس.
ثم إن هذا التقبيح انما يستتبع الحكم باستحقاق العقاب في المورد الذي يترتب على العقاب فائدة لازمة بنظر العقل، كالتأديب لاجل عدم تكرر العمل من نفس الشخص أو من غيره.
اما مع عدم ترتب أي اثر راجح على العقاب، فلا يحكم العقل باستحقاق العقاب لأنه لغو محض، وهو لا يصدر من العقل.
والتشفي وان كان منشئا لتحقق العقاب، لكنه ليس منشئا عقلائيا، بل هو يلائم القوة الغضبية للنفس.
وعليه: فيشكل القول باستحقاق العبد العقاب على مخالفة التكليف المولوي، إذ المراد بالعقاب هو العقاب الأخروي، وهو مما لا يترتب عليه اثر عملي من كف الشخص نفسه أو كف غيره عن العمل، لانتهاء دور التكليف في الآخرة، والتشفي مستحيل في حقه تعالى، بل في حق كل عاقل كما عرفت، فالالتزام باستحقاق العبد العقاب من الله تعالى، التزام بصدور اللغو منه جل اسمه وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وبالجملة: لا يحكم العقل باستحقاق العقاب بمعنى المجازاة على العمل للتأديب.
وبما أن النقل دل على ثبوت العقاب فهو ينحصر بأحد طرق ثلاثة.
الأول: الالتزام بتجسم الاعمال وانه من لوازمها الذاتية، بمعنى ان نفس المعصية يتجسم بالعقاب، بلحاظ اقتضاء ذاتها لذلك، نظير تكون الشجرة من الحبة. وقد التزم بذلك بعض.