ههنا.
والتحقيق في دفع هذا الاشكال عن ذلك المقام أيضا ان يقال: ان المجعول في باب الامارات تارة: يكون هو الحكم الظاهري المماثل للواقع. وأخرى: يكون هو الحجية على اختلاف في المراد منها. فقيل: انه الطريقية. قيل: انه المنجزية والمعذرية. وقيل: انه مفهوم الحجية نفسه.
فإذا قلنا بان المجعول هو الحكم الظاهري في حق من لا يعلم بالحكم الواقعي، فقيام الخبر عند المجتهد على حكم الحائض غير العالمة بحكمها، بضميمة دليل اعتباره الراجع إلى بيانه جعل مؤداه حكما ظاهرا، يوجب حصول اليقين الوجداني للمجتهد بالحكم الظاهري الثابت في حق الحائض، وليس في هذا اي محذور، إذ لا محذور في حصول اليقين لشخص بحكم شخص آخر، إذ ليس من التعبد في شئ كي يدعى استحالته لمن لم يكن له علاقة بالحكم عملا.
وإذا فرض ان يقين المجتهد المزبور حجة على الحائض بدليل التقليد، جاز متابعته في يقينه.
واما إذا قلنا بان المجعول هو الحجية بأي معنى أريد منها، فقد يشكل بان الحجية تتقوم بالوصول، ولذا قيل: إن الشك فيها ملازم للقطع بعد مها. وعليه فهي غير مجعولة فعلا في حق الحائض، لعدم وصول الخبر وحجيته إليها، فلا يتحقق اليقين للمجتهد بحكمها. كما أن الحجية غير مجعولة في حقه لعدم ارتباط العمل به.
ولكن يندفع: بأنه وان سلم ما ادعي من أن الحجية متقومة بالوصول - إذ هو في نفسه محل اشكال كما سيأتي تحقيقه ان شاء الله تعالى -. لكن الكل يلتزم بان هناك أمرا مجعولا في حد نفسه له ثبوت واقعي ووصوله يستلزم فعليته، إذ يستحيل تعليق جعل الحجية على وصولها للزوم الخلف أو الدور، كأخذ العلم بالحكم في موضوع نفس الحكم. وعليه يكون حال الحجية حال الحكم الظاهري،