نعم: ابتناء المسألة على مسألة أصالة الوجود أو الماهية مما لاوجه له، فإنه لا يفرق الحال فيما نحن فيه، بين ان نقول: بأصالة الوجود، أو أصالة الماهية، فإنه حتى على القول بأصالة الوجود يجرى النزاع، من جهة دعوى اتحاد وجود المتعلقين أو عدم اتحاده، وان لكل منهما حظا من الوجود يخصه لأربط له بالآخر، وان كان المترائي وجودا واحدا بالعدد، الا انه في الحقيقة وجودان منضمان، فلا ربط للمسألة بمسألة أصالة الوجود أو الماهية.
كما أن ابتناء المسألة، على كون كل من الدليلين متكفلا للمناط والمصلحة التي أوجبت الامر والمفسدة التي أوجبت النهى مما لاوجه له، فان البحث في المقام لا يتوقف على المناط والمصلحة والمفسدة، حيث إن البحث يجرى ولو قلنا بمقالة الأشاعرة وأنكرنا المصالح والمفاسد، بل الذي يتوقف عليه البحث في المقام، هو ان يكون الموجود في مورد الاجتماع تمام ما هو موضوع الامر وتمام ما هو موضوع النهى، من دون ان يكون أحدهما فاقدا لقيد اعتبر فيه. فراجع ما ذكره في الكفاية في هذا المقام وما وقع منه من الخلط والاشتباه وتقسيمه الحكم إلى: اقتضائي، و انشائي، وفعلي، وتصويره كون الحكم انشائيا بعد تحقق موضوعه. فان ذلك كله لا نعقله. وتقدم منا في بحث الواجب المشروط: المعنى الصحيح للانشاء والفعلية، فراجع (1) ولعله يأتي أيضا ما يتعلق بمراتب الاحكام وفسادها في بعض المباحث.
إذا عرفت ما مهدناه لك من المقدمات فاعلم: ان المسألة ذات أقوال:
ثالثها: التفصيل بالامتناع عرفا والجواز عقلا.
ورابعها: التفصيل بين الأوامر النفسية فالامتناع، والأوامر الغيرية فالجواز. وقد استدل لكل من الجواز والامتناع بوجوه، لا بأس أولا بالإشارة إلى جملة منها وبيان ما فيها من الخلل ثم نذكر ما عندنا من الوجه الصحيح، فنقول: قد استدل للجواز بوجوه: