الخارج كحكاية لفظة زيد عن معناه هذا.
ولكن الذي يقتضيه التحقيق ان معاني الحروف كلها ايجادية وليس شئ منها اخطارية. وتوضيح ذلك يستدعى بسطا من الكلام في معنى النسبة وأقسامها.
فنقول: ان النسبة عبارة عن العلقة والربط الحاصل من قيام إحدى المقولات التسع بموضوعاتها، بيان ذلك هو انه لما كان وجود العرض - في نفسه و لنفسه - عين وجوده - لموضوعه وفى موضوعه - لاستحالة قيام العرض بذاته، فلا بد ان تحدث هناك نسبة وإضافة بين العرض وموضوعه، بداهة ان ذلك من لوازم قيام العرض بالموضوع، وعينية وجوده لوجوده الذي يكون هو المصحح للحمل، فإنه لولا قيام البياض بزيد واتحاد وجوده بوجوده لما كاد ان يصح الحمل، فلا يقال: زيد ابيض، الا بلحاظ العينية في الوجود، إذ لولا لحاظ ذلك لكان البياض أمرا مباينا لزيد، ولا ربط لأحدهما بالآخر، ولا يصح حمل أحدهما على الاخر، إذ ملاك الحمل هو الاتحاد في الوجود في الحمل الشايع الصناعي، فالإضافة الحاصلة من قيام العرض بموضوعه هي المصحح للحمل، إذ بذلك القيام يحصل الاتحاد والعينية في الوجود، بل الإضافة تحتاج إليها في كل حمل، وان لم يكن من الحمل الشايع الصناعي، كقولك:
الانسان حيوان ناطق، وزيد زيد، غايته ان في مثل هذا الحمل لابد من تجريد الموضوع بنحو من التجريد حتى لا يكون من حمل الشئ على نفسه، الا ان التجريد يكون بضرب من الجعل والتنزيل، إذ لا يمكن تجريد الشئ عن نفسه حقيقة، بل لابد من اعتبار التجريد حتى يصح الحمل، ويخرج عن كونه من حمل الشئ على نفسه. وهذا بخلاف التجريد في الحمل الشايع الصناعي، فان التجريد فيه يكون حقيقيا ذاتيا، لتغاير ذات زيد و حقيقته عن حقيقة الأبيض، ولا ربط لأحدهما بالآخر لولا الاتحاد الخارجي. وعلى كل حال، فلا اشكال في أنه عند قيام كل عرض من أي مقولة بمعروضه تحدث إضافة بينهما، و تلك الإضافة هي المعبر عنها بالنسبة.
ثم انه، لما كان قيام العرض بموضوعه وعينية وجوده لوجوده فرع وجوده، بداهة ان وجوده لنفسه كان عين وجوده لموضوعه، ومن المعلوم: ان عينية الوجود لموضوعه متأخرة بالرتبة عن أصل وجوده، كان أول نسبة تحدث هي النسبة