ذلك إلى سليمان بن عباد، بل لابد وأن يكون هنا جهة ما اقتضت تأدية معنى الانسان بلفظ الانسان، ومعنى الحيوان بلفظ الحيوان.
وعلى كل حال: فدعوى ان مثل يعرب بن قحطان أو غيره هو الواضع مما لا سبيل إليها، لما عرفت من عدم امكان إحاطة البشر بذلك.
ثم انه قد اشتهر تقسيم الوضع: إلى الوضع العام والموضوع له العام، والى الوضع الخاص والموضوع له الخاص، والى الوضع العام والموضوع له الخاص. وربما زاد بعض على ذلك الوضع الخاص والموضوع له العام، ولكن الظاهر أنه يستحيل ذلك، بداهة ان الخاص بما هو خاص لا يصلح ان يكون مرآة للعام. ومن هنا قيل:
ان الجزئي لا يكون كاسبا ولا مكتسبا، وهذا بخلاف العام، فإنه يصلح ان يكون مرآة لملاحظة الافراد على سبيل الاجمال.
نعم ربما يكون الخاص سببا لتصور العام وانتقال الذهن منه إليه، الا انه يكون حينئذ الوضع عاما كالموضوع له، فدعوى امكان الوضع الخاص والموضوع له العام، مما لا سبيل إليها. وهذا بخلاف بقية الأقسام، فان كلا منها بمكان من الامكان إذ يمكن ان يكون الملحوظ حال الوضع عاما قابل الانطباق على كثيرين، أو يكون خاصا.
ثم ما كان عاما، يمكن ان يوضع اللفظ بإزاء نفس ذلك العام، فيكون الموضوع له أيضا عاما على طبق الملحوظ حال الوضع، كما أنه يمكن ان يوضع اللفظ بإزاء مصاديق ذلك العام وافراده المتصورة اجمالا بتصور ما يكون وجها لها وهو العام وتصور الشئ بوجهه بمكان من الامكان، فيكون الموضوع له ح خاصا، هذا.
ولكن لا يخفى عليك، ان هذا صرف امكان لا واقع له، بداهة ان الوضع العام والموضوع له الخاص، يتوقف تحققه على أن يكون هناك وضع وجعل من شخص خاص، حتى يمكنه جعل اللفظ بإزاء الافراد، وقد عرفت المنع عن تحقق الوضع بهذا الوجه، وانه لم يكن هناك واضع مخصوص، وتعهد من قبل أحد، بل الواضع هو الله تعالى بالمعنى المتقدم. و ح فالوضع العام والموضوع له الخاص بالنسبة إلى الألفاظ المتداولة التي وقع النزاع فيها مما لا واقع له. نعم يمكن ذلك بالنسبة إلى