بنفسه مقيد تكوينا. وهذا هو السر في عدم المفهوم للقضية اللقبية، من جهة ان الاشتراط الذي يتضمنه اللقب ليس الا فرض وجود الموضوع، فمثل قوله: أكرم زيدا معناه انه ان وجد زيد فأكرمه، والاكرام يتوقف عقلا على وجود زيد.
وان كان الشرط، على الوجه الأول، كمجيئ زيد، وركوبه، وجلوسه، وغير ذلك من الحالات التي لا يتوقف اكرامه عليها عقلا، فلا محالة يكون الجزاء مقيدا بذلك الشرط في عالم الجعل والتشريع، ومعنى التقييد هو إناطة الجزاء بذلك الشرط، ومقتضى اناطته به بالخصوص هو دوران الجزاء مداره وجودا وعدما، بمقتضى الاطلاق ومقدمات الحكمة، حيث إنه قيد الجزاء بذلك الشرط بخصوصه، ولم يقيد بشئ آخر، لا على نحو الاشتراك بان جعل شئ آخر مجامعا لذلك الشرط قيدا للجزاء، ولا على نحو الاستقلال بان جعل شئ آخر موجبا لترتب الجزاء عليه ولو عند انفراده وعدم مجامعته لما جعل في القضية شرطا، و مقتضى ذلك هو دوران الجزاء مدار ما جعل شرطا في القضية، بحيث ينتفى عند انتفائه، وهو المقصود من تحقق المفهوم للقضية.
فمقدمات الحكمة انما تجرى في ناحية الجزاء من حيث عدم تقييده بغير ما جعل في القضية من الشرط، لا في الشرط، حتى يرد عليه ما تقدم من الاشكال.
والحاصل: ان اطلاق الجزاء في المقام بالنسبة إلى ما عدا الشرط في اقتضائه المفهوم يكون كاطلاق الوجوب في اقتضائه النفسية العينية التعيينية، من غير فرق بين المقامين أصلا، حيث إن مقدمات الحكمة انما تجرى لاستكشاف المراد، وان المراد النفس الأمري هو ما تضمنه الكلام بعد احراز كون المتكلم في مقام البيان، كما هو الأصل الجاري عند العقلاء في محاوراتهم، حيث إن الأصل العقلائي يقتضى كون المتكلم في مقام بيان مراده النفس الأمري، الا ان تكون هناك قرينة نوعية على الخلاف، وفى المقام مقتضى تقييد الجزاء بالشرط هو كون المتكلم في مقام البيان.
ودعوى انه في مقام البيان من هذه الجهة دون سائر الجهات والقيود، فاسدة فإنه لو بنى على ذلك لا نسد باب التمسك بالاطلاقات في جميع المقامات، إذ ما من