المدعى ولا حاجة معه إلى إثبات الإطلاق والإباحة وإن لم يكن جاريا فلا يفيد انضمامها بكل شيء مطلق في إثبات المدعى بعدما عرفت أن المراد من ورود النهي عبارة عن صدوره واقعا، إذ عدم الصدور الواقعي لا يحرز إلا به وهو غير جار فلا يكون محرزا.
ومنها: قوله " كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام " (1) وهذه الرواية عكس المرسلة السابقة من حيث إن الظاهر من المرسلة أو القدر المتيقن منها هي الشبهة الحكمية بخلاف هذه الرواية فإن الظاهر أو المتيقن منها هي الشبهة الموضوعية، وعمومها للشبهة الموضوعية والحكمية بأن يكون المراد من كل شيء أعم من الموضوع الكلي - المشتبه حكمه الكلي المخصوص معرفته بالمجتهد بالرجوع إلى الأدلة، ومع فقدها فإلى الأصول - ومن الموضوع الخارجي الجزئي المشتبه حكمه الجزئي الذي لا يختص معرفته بالمجتهد، بل يعم المقلد أيضا وإن كان ممكنا، إلا أن مجرد الإمكان لا يثبت الظهور المعتبر في الدلالة.
ويؤيد عدم ظهورها في الشبهة الحكمية عدم استدلالهم - على ما حكي - بقوله (عليه السلام): " كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر " (2) على الشبهة الحكمية مثل كون عرق الجنب من الحرام طاهر أو نجس، أو عرق الجلال طاهر أو نجس، وأمثالهما، وإنما استدلوا بها على الطهارة في الشبهات الموضوعية إما مطلقا، أو فيما إذا كان الشك في كونه نجسا لا في كونه متنجسا، مع أنها مثل " كل شيء حلال حتى تعرف أنه حرام " ومنشأ التفصيل احتمال كون " قذر " في الرواية بصيغة الصفة المشبهة وكونه بصيغة فعل الماضي، كما أنه يحتمل أن يقال: إنه بناء على كونه بصيغة الفعل الماضي تختص الرواية بالشبهة الموضوعية، وبناء على كونه بصيغة الصفة المشبهة يمكن عمومها لكلتيهما فتأمل.