الثانية لو طلب منه دين حال يقدر على وفائه فسافر قبل وفائه لم يجز له أن يترخص على الصحيح من المذهب وقيل يجوز وإن لم يطلب منه الدين الحال أو يحل في سفره فقيل له القصر والترخص لئلا يحبس قبل ظلمه كحبس الحاكم وقيل لا يجوز له ذلك إلا أن يوكل في قضائه لئلا يمنع به واجبا ذكر هذين الوجهين بن عقيل وأطلقهما في القاعدة الثالثة والخمسين وأطلقهما بن تميم في باب قصر الصلاة وكذا بن حمدان وقيل إن سافر وكيل في القضاء لم يترخص قلت يحتمل أن يبني الخلاف هنا على الخلاف في وجوب الدفع قبل الطلب وعدمه على ما تقدم في آخر باب القرض والمذهب لا يجب قبل الطلب فله القصر وأطلقهن في الفروع.
قوله (وإن كان حالا وله مال يفي به لم يحجر عليه ويأمره الحاكم بوفائه فإن أبى حبسه).
القول بالحبس اختاره جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وعليه العمل وهو الصواب ولا تخلص الحقوق في هذه الأزمنة غالبا إلا به وبما هو أشد منه وقال ابن هبيرة في الإفصاح أول من حبس على الدين شريح القاضي ومضت السنة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أنه لا يحبس على الديون لكن يتلازم الخصمان وأما الحبس الآن على الدين فلا أعلم أنه يجوز عند أحد من المسلمين وتكلم على ذلك وأطال ذكره في الفروع والطبقات فائدة إذا حبس فليس للحاكم إخراجه حتى يتبين له أمره أو يبرئه غريمه أو يرضى بإخراجه.