الثلاثة (1) حكموا بوثاقته وجلالته مع حكمهم بأنه من الفطحية، لكنه كما وقع ذلك منهم، وقع أيضا في الأولى التي لا كلام لاحد فيها، أعني قولهم: (عدل).
قال الكشي في محمد بن الوليد الخزاز، ومعاوية بن حكيم، ومصدقة بن صدقة، ومحمد بن سالم بن عبد الحميد:
(هؤلاء كلهم فطحية، وهم من أجلة العلماء والفقهاء والعدول) (2).
والظاهر أنهم يستعملونها في المعنى الأعم، أعني المتحرج (3) في روايته، الضابط لها، والمتحرج في دينه، وإن لم يكن مؤمنا، مع القرينة، كما في الموضعين المذكورين، وكما يقول:
(فلان موثوق بروايته، وهو ممن يوثق بحديثه).
وكما قال النجاشي في محمد بن عبد الله بن غالب:
(ثقة في الرواية، على مذهب الواقفة) (4). ونحو ذلك.
وهذا كما يقولون في عكس ذلك: (ثقة في نفسه، لكنه يروي عن الضعفاء)، كما في علي بن حاتم (5).
وسيجئ في الوكلاء قوله عليه السلام: (فلان ثقة) و (فلان الثقة) وظهور إرادة العدل) (6).
انتهى.
أقول: وبعد هذا كله ففي كون (ثقة) حقيقة في العدل الامامي عند الاطلاق محل تأمل، وذلك إنا نرى المتأخرين من أصحابنا إذا وجدوا أحد المشايخ نص على فلان بأنه ثقة ولم يتعرض لفساده، ونص آخر منهم على فطحيته أو وقفه ولم يتعرض لتوثيقه، لم يحكموا بالتعارض بين النصين، مع أن التوثيق يتضمن الاخبار والحكم بالايمان، والفطحية لا تجامع