وكل هذا مثال من كان كثير السهو لا يخفى.
قال المصنف في مشرق الشمسين بعد ما اعتبر الضبط بهذا المعنى:
(فإن قلت: فكيف يتم لنا الحكم بصحة الحديث بمجرد توثيق علماء الرجال - رجال سنده - من غير نص على ضبطهم؟
قلت: إنهم يريدون بقولهم (إن (1) فلانا ثقة) أنه عدل، ضابط، لان لفظة ثقة مشتق من الوثوق، ولا وثوق بمن تساوى (2) سهوه وذكره، أو يغلب سهوه على ذكره. وهذا هو السر في عدولهم عن قولهم عدل إلى قولهم ثقة) (3).
انتهى.
وأنت خبير بما في هذا الاستنباط، وقد عرفت عدم الحاجة إلى التنصيص على الضبط، لأنه على الأصل، وإنما الحاجة إلى التنصيص لو كان على خلاف العادة، فمع عدم ذكر أنه كثير السهو يفهم أنه على العادة، ولا مدخلية لقولهم: (ثقة) في ذلك، كما لا مدخلية للعدالة في ذلك، إنما ترفع هذا الاحتمال الأصول العقلائية.
والعدالة تنفع في عدم تعمد المنافي.
وأما الزيادة الواقعة في آخر التعريف أعني قوله: (وإن شذ)، فقد زادها الشهيد الثاني أيضا كما عرفت.
قال والد المصنف:
(ومن رأينا كلامه من أصحابنا لم يعتبر هذين القيدين - أعني عدم الشذوذ وعدم العلة في تعريف الصحيح - وقد اعتبرها أكثر محدثي العامة.
وعدم اعتبار الشذوذ أجود، إذ لا مانع أن يقال: شاذ صحيح، أو شاذ غير صحيح، وهو المنكر) (4).