بأن يملوا الدين وليس بصريح في السب، وعلى القول بوجوب قتل من وقع منه ذلك من ذمي أو معاهد فترك لمصلحة التأليف هل ينتقض بذلك عهده؟ محل تأمل.
واحتج الطحاوي لأصحابه بحديث أنس المذكور في الباب وأيده بأن هذا الكلام لو صدر من مسلم لكانت ردة، وأما صدوره من اليهود فالذي هم عليه من الكفر أشد، فلذلك لم يقتلهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتعقب بأن دماءهم لم تحقن إلا بالعهد، وليس في العهد أنهم يسبون النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فمن سبه منهم تعدى العهد فينتقض فيصير كافرا بلا عهد فيهدر دمه إلا أن يسلم، ويؤيده أنه لو كان كل ما يعتقدونه لا يؤاخذون به لكانوا لو قتلوا مسلما لم يقتلوا لأن من معتقدهم حل دماء المسلمين ، ومع ذلك لو قتل منهم أحد مسلما قتل، فإن قيل: إنما يقتل بالمسلم قصاصا بدليل أنه يقتل به ولو أسلم، ولو سب ثم أسلم لم يقتل قلنا الفرق بينهما أن قتل المسلم يتعلق بحق آدمي فلا يهدر وأما السب. فإن وجوب القتل به يرجع إلى حق الدين فيهدمه الاسلام، والذي يظهر أن ترك قتل اليهود إنما كان لمصلحة التأليف أو لكونهم لم يعلنوا به أو لهما جميعا وهو أولى كما قال الحافظ.
[تم] قد تم بحمده تعالى وحسن توفيقه طبع الجزء السابع من (نيل الأوطار شرح منتقى الاخبار من أحاديث سيد الأخيار للامام العلامة الشوكاني) وذلك باهتمام إدارة الطباعة المنيرية لصاحبها ومديرها (محمد منير الدمشقي) ويتلوه إن شاء الله تعالى الجزء الثامن وأوله (أبواب احكام الردة والاسلام) ونسأل الله سبحانه وتعالى اتمامه وتيسير غيره من الكتب المعتمدة في الشريعة المحمدية على صاحبها أفضل صلاة وأتم تحية.