غيره: أنه رآه، ورجال إسناد الحديث رجال الصحيح. وحديث ابن عباس سكت عنه أيضا أبو داود والمنذري. وقال الحافظ في بلوغ المرام: أن رواته ثقات.
والحديث الذي أشار إليه المصنف أعني قوله قال: يا رسول الله إعدل، قد تقدم في باب قتال الخوارج. (وفي الباب) عن أبي برزة عند أبي داود والنسائي قال: كنت عند أبي بكر فتغيظ على رجل فاشتد غضبه فقلت: أتأذن لي يا خليفة رسول الله أضرب عنقه؟ قال: فأذهبت كلمتي غضبه فقام فدخل فأرسل إلي فقال:
ما الذي قلت آنفا؟ قلت: ائذن لا أضرب عنقه، قال: أكنت فاعلا لو أمرتك؟ قلت : نعم، قال: لا والله ما كان لبشر بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وفي حديث ابن عباس وحديث الشعبي دليل على أنه يقتل من شتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد نقل ابن المنذر الاتفاق على أن من سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم صريحا وجب قتله. ونقل أبو بكر الفارسي أحد أئمة الشافعية في كتاب الاجماع أن من سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما هو قذف صريح كفر باتفاق العلماء، فلو تاب لم يسقط عنه القتل، لأن حد قذفه القتل، وحد القذف لا يسقط بالتوبة، وخالفه القفال فقال: كفر بالسب فسقط القتل بالاسلام. وقال الصيدلاني: يزول القتل ويجب حد القذف. قال الخطابي : لا أعلم خلافا في وجوب قتله إذا كان مسلما. وقال ابن بطال: اختلف العلماء فيمن سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأما أهل العهد والذمة كاليهود فقال ابن القاسم عن مالك: يقتل من سبه صلى الله عليه وآله وسلم منهم إلا أن يسلم، وأما المسلم فيقتل بغير استتابة. ونقل ابن المنذر عن الليث والشافعي وأحمد وإسحاق مثله في حق اليهودي ونحوه. وروي عن الأوزاعي ومالك في المسلم أنها ردة يستتاب منها. وعن الكوفيين: إن كان ذميا عزر، وإن كان مسلما فهي ردة. وحكى عياض خلافا هل كان ترك من وقع منه ذلك لعدم التصريح أو لمصلحة التأليف؟ ونقل عن بعض المالكية أنه إنما لم يقتل اليهود الذين كانوا يقولون له السام عليك لأنهم لم تقم عليهم البينة بذلك ولا أقروا به فلم يقض فيهم بعلمه، وقيل: إنهم لما لم يظهروه ولووه بألسنتهم ترك قتلهم، وقيل: إنه لم يحمل ذلك منهم على السب بل على الدعاء بالموت الذي لا بد منه، ولذلك قال في الرد عليهم: وعليكم أي الموت نازل علينا وعليكم، فلا معنى للدعاء به، أشار إلى ذلك القاضي عياض، وكذا من قال السأم بالهمز بمعنى السآمة هو دعاء