أخرج أبو داود عن يحيى بن عبد الله بن بحير قال: أخبرني من سمع فروة بن مسيك رضي الله عنه قال قلت: يا رسول الله أرض عندنا يقال لها: أر ض أبين هي أرض ريفنا وميرتنا وإنها وبئة، أو قال: وباؤها شديد، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: دعها عنك فإن من القرف التلف اه. والقرف بفتح القاف والراء بعده فاء وهو ملابسة الداء ومقاربة الوباء ومداناة المرضى، وكل شئ قاربته فقد فارقته، والتلف الهلاك، يعني من قارب متلفا يتلف إذا لم يكن هواء تلك الأرض موافقا له فيتركها. قال ابن رسلان: وليس هذا من باب العدوي بل هو من باب الطب، فإن استصلاح الهواء من أعون الأشياء على صحة الأبدان، وفساد الهواء من أسرع الأشياء إلى الأسقام، قال: واعلم أن في المنع من الدخول إلى الأرض الوبئة حكما، أحدهما: تجنب الأسباب المؤذية والبعد منها. الثاني: الاخذ بالعافية التي هي مادة مصالح المعاش والمعاد. الثالث: أن لا يستنشقوا الهواء الذي قد عفن وفسد فيكون سببا للتلف. الرابع: أن لا يجاور المرضى الذين قد مرضوا بذلك فيحصل له بمجاورتهم من جنس أمراضهم والحديث يدل على هذا اه. قال المنذري في مختصر السنن بعد أن ذكر حديث فروة المذكور ما لفظه: في إسناده رجل مجهول. قال:
ورواه عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر بن راشد عن يحيى بن عبد الله بن بحير عن فروة وأسقط المجهول، وعبد الله بن معاذ وثقه يحيى بن معين وغيره وكان عبد الرزاق يكذبه اه. ورجال إسناد هذا الحديث ثقات لأنه رواه أبو داود عن مخلد بن خالد شيخ مسلم، وعباس العنبري شيخ البخاري تعليقا ومسلم قالا:
حدثنا عبد الرزاق عن معمر وهما من رجال الصحيحين عن يحيى بن عبد الله بن بحير ذكره ابن حبان في الثقات، ومما ينبغي أن يجعل مخصصا لعموم حديث:
لا عدوى ولا طيرة ما أخرجه مسلم في صحيحه والنسائي وابن ماجة في سننهما من حديث الشريد بن سويد الثقفي قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنا قد بايعناك فارجع. وأخرج البخاري في صحيحه تعليقا من حديث سعيد بن ميناء قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا عدوى ولا طيرة ولا هام ولا صفر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد. ومن ذلك حديث: لا يورد ممرض على مصح الذي قدمناه.