إن هذا لا يدل على أنه قبل قوله وكفالته، بل أخرها إلى الفطام ثم أمر برجمها بعد ذلك لأن السياق يأبى ذلك كل الاباء، وما أكثر ما يقع مثل هذا الاختلاف بين الصحابة في القصة الواحدة التي مخرجها متحد بالاتفاق، ثم ترتكب لأجل الجمع بين رواياتهم العظائم التي لا تخلو في الغالب من تعسفات وتكلفات، كأن السهو والغلط والنسيان لا يجري عليهم، وما هم إلا كسائر الناس في العوارض البشرية، فإن أمكننا الجمع بوجه سليم عن التعسفات فذاك، وإلا توجه علينا المصير إلى الترجيح، وحمل الغلط أو النسيان على الرواية المرجوحة إما من الصحابي أو ممن هو دونه من الرواة، وقد مر لنا في هذا الشرح عدة مواطن من هذا القبيل مشينا فيها على ما مشى عليه الناس من الجمع بوجوه ينفر عن قبولها كل طبع سليم، ويأبى الرضا بها كل عقل مستقيم. قوله: أصبت حدا فأقمه علي هذا الاجمال قد وقع من المرأة تبيينه كما في سائر الروايات، ولكنه وقع الاختصار في هذه الرواية كما يشعر بذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم عقب ذلك: أحسن إليها فإذا وضعت فأتني وقد قدمنا أن مجرد الاقرار بالحد من دون تعيين لا يجوز للامام أن يحد به. قوله: أحسن إليها إنما أمره بذلك لأن سائر قرابتها ربما حملتهم الغيرة وحمية الجاهلية على أن يفعلوا بها ما يؤذيها فأمره بالاحسان تحذيرا من ذلك قوله: فشدت في رواية: فشكت ومعناهما واحد، والغرض من ذلك أن لا تنكشف عند وقوع الرجم عليها لما جرت به العادة من الاضطراب عند نزول الموت وعدم المبالاة بما يبدو من الانسان، ولهذا ذهب الجمهور إلى أن المرأة ترجم قاعدة والرجل قائما لما في ظهور عورة المرأة من الشناعة. وقد زعم النووي أنه اتفق العلماء على أن المرأة ترجم قاعدة وليس في الأحاديث ما يدل على ذلك ولا شك أنه أقرب إلى الستر، ولم يحك ذلك في البحر إلا عن أبي حنيفة والهادوية، وحكي عن ابن أبي ليلى وأبي يوسف أنها تحد قائمة، وذهب مالك إلى أن الرجل يحد قاعدا. قوله: ثم صلى عليها قد تقدم الخلاف في ذلك في كتاب الجنائز. قوله: لو قسمت بين سبعين الخ في رواية بريدة المتقدمة في الباب الأول لو تابها صاحب مكس، ولا مانع من أن يكون ذلك قد وقع جميعه منه صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه دليل على أن الحدود لا تسقط بالتوبة، وإليه ذهب جماعة من العلماء منهم الحنفية والهادي، وذهب جماعة منهم إلى
(٢٨٢)