باب حسم يد السارق إذا قطعت واستحباب تعليقها في عنقه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتي بسارق قد سرق شملة فقالوا: يا رسول الله إن هذا قد سرق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أخاله سرق، فقال السارق: بلى يا رسول الله، فقال: اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به، فقطع فأتي به فقال: تب إلى الله، قال: قد تبت إلى الله ، فقال: تاب الله عليك رواه الدارقطني. وعن عبد الرحمن بن محيريز قال: سألنا فضالة بن عبيد عن تعليق اليد في عنق السارق أمن السنة؟ قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسارق فقطعت يده ثم أمر بها فعلقت في عنقه رواه الخمسة إلا أحمد وفي إسناده الحجاج بن أرطأة وهو ضعيف.
حديث أبي هريرة أخرجه موصولا أيضا الحاكم والبيهقي وصححه ابن القطان. وأخرجه أبو داود في المراسيل من حديث محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان بدون ذكر أبي هريرة، ورجح المرسل ابن خزيمة وابن المديني وغير واحد. وحديث عبد الرحمن بن محيريز قال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن علي المقدمي عن الحجاج بن أرطأة، وعبد الرحمن بن محيريز هو أخو عبد الله بن محيريز شامي انتهى. وقال النسائي: الحجاج بن أرطأة ضعيف لا يحتج بحديثه.
قال المنذري: وهذا الذي قاله النسائي قاله غير واحد من الأئمة. قوله: ثم احسموه ظاهره أن الحسم واجب والمراد به الكي بالنار أي يكوى محل القطع لينقطع الدم، لأن منافذ الدم تنسد به لأنه ربما استرسل الدم فيؤدي إلى التلف، وذكر في البحر أنه إذا كره السارق الحسم لم يحسم له وجعله مندوبا فقط مع رضاه، وفي كل من الطرفين نظر، أما الأول فلان ترك الحسم إذا كان مؤديا إلى التلف وجب علينا عدم الإجابة له إلى ما يؤدي إلى تلفه. وأما الثاني فلان ظاهر الحديث الوجوب لكونه أمرا ولا صارف له عن معناه الحقيقي، ولا سيما مع كونه يؤدي الترك إلى التلف فإنه يصير واجبا من جهة أخرى قال في البحر: وثمن الدهن وأجرة القطع من بيت المال ثم من مال السارق، فإن اختار أن يقطع نفسه فوجهان، قال الإمام يحيى: لا يمكن كالقصاص وسائر