منسوخ كما حكاه ابن الرفعة في المطلب ولا أعرف له ناسخا، فإن كان هو النهي عن إضاعة المال كما زعم بعضهم فيجاب عنه أولا بأن الإضاعة إنما تكون إذا لم يكن شئ في مقابل المبيع، والمأمور به ههنا هو البيع لا الإضاعة، وذكر الحبل من الشعر للمبالغة، ولو سلم عدم إرادة المبالغة لما كان في البيع بحبل من شعر إضاعة، وإلا لزم أن يكون بيع الشئ الكثير بالحقير إضاعة وهو ممنوع. وقد ذهب داود وسائر أهل الظاهر إلى أن البيع واجب لأن ترك مخالطة الفسقة ومفارقتهم واجبان، وبيع الكثير بالحقير جائز إذا كان البائع عالما به بالاجماع. قال ابن بطال: حمل الفقهاء الامر بالبيع على الحض على مباعدة من تكرر منه الزنا لئلا يظن بالسيد الرضا بذلك، ولما في ذلك من الوسيلة إلى تكثير أولاد الزنا، قال: وحمله بعضهم على الوجوب ولا سلف له في الأمة فلا يشتغل به انتهى. وظاهره أنه أجمع السلف على عدم وجوب البيع، فإن صح ذلك كان هو القرينة الصارفة للامر عن الوجوب وإلا كان الحق ما قاله أهل الظاهر. (وأحاديث الباب) فيها دليل على أن السيد يقيم الحد على مملوكه، وإلى ذلك ذهب جماعة من السلف والشافعي. وذهبت العترة إلى أن حد المماليك إلى الامام إن كان ثم إمام وإلا كان إلى سيده. وذهب مالك إلى أن الأمة إن كانت مزوجة كان أمر حدها إلى الامام إلا أن يكون زوجها عبدا لسيدها فأمر حدها إلى السيد. واستثنى مالك أيضا القطع في السرقة وهو وجه للشافعية، وفي وجه لهم آخر يستثني حد الشرب. وروي عن الثوري والأوزاعي إنه لا يقيم السيد إلا حد الزنا. وذهبت الحنفية إلى إنه لا يقيم الحدود على المماليك إلا الامام مطلقا. وظاهر أحاديث الباب أنه يحد المملوك سيده من غير فرق بين أن يكون الامام موجودا أو معدوما، وبين أن يكون السيد صالحا لإقامة الحد أم لا. وقال ابن حزم: يقيمه السيد إلا إذا كان كافرا. وقد أخرج البيهقي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال: أدركت بقايا الأنصار وهم يضربون الوليدة من ولائدهم في مجالسهم إذا زنت. ورواه الشافعي عن ابن مسعود وأبي بردة. وأخرجه أيضا البيهقي عن خارجة بن زيد عن أبيه. وأخرجه أيضا عن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء الذين ينتهي إلى أقوالهم من أهل المدينة أنهم كانوا يقولون: لا ينبغي لأحد يقيم
(٢٩٥)