قررته، ويؤيد ذلك أن السبب في خطبته صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفتح بقوله:
لا يقتل مسلم بكافر ما ذكره الشافعي في الام حيث قال: وخطبته يوم الفتح كانت بسبب القتيل الذي قتلته خزاعة وكان له عهد فخطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: لو قتلت مسلما بكافر لقتلته به. وقال: لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده فأشار بقوله: لا يقتل مسلم بكافر إلى تركه الاقتصاص من الخزاعي بالمعاهد الذي قتله. وبقوله: ولا ذو عهد في عهده إلى النهي عن الاقدام على ما فعله القاتل المذكور، فيكون قوله: ولا ذو عهد في عهده كلاما تاما لا يحتاج إلى تقدير، وسيما وقد تقرر أن التقدير خلاف الأصل، فلا يصار إليه إلا لضرورة ولا ضرورة كما قررناه. ويجاب ثالثا بأن الصحيح المعلوم من كلام المحققين من النحاة وهو الذي نص عليه الرضي أنه لا يلزم اشتراك المعطوف والمعطوف عليه إلا في الحكم الذي لأجله وقع العطف، وهو هنا النهي عن القتل مطلقا من غير نظر إلى كونه قصاصا أو غير قصاص، فلا يستلزم كون إحدى الجملتين في القصاص أن تكون الأخرى مثلها حتى يثبت ذلك التقدير المدعي، وأيضا تخصيص العموم بتقدير ما أضمر في المعطوف ممنوع لو سلمنا صحة التقدير المتنازع فيه كما صرح بذلك صاحب المنهاج وغيره من أهل الأصول. (ومن جملة) ما احتج به القائلون بأنه يقتل المسلم بالذمي عموم قوله تعالى: * (النفس بالنفس) * (المائدة: 45) ويجاب بأنه مخصص بأحاديث الباب، ومن أدلتهم ما أخرجه البيهقي من حديث عبد الرحمن بن البيلماني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قتل مسلما بمعاهد وقال: أنا أكرم من وفى بذمته وأجيب عنه بأنه مرسل ولا تثبت بمثله حجة، وبأن ابن البيلماني المذكور ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث فكيف إذا أرسله؟ كما قال الدارقطني. قال أبو عبيد القاسم بن سلام:
هو حديث ليس بمسند، ولا يجعل مثله إماما تسفك به دماء المسلمين، وأما ما وقع في رواية عمار بن مطر عن ابن البيلماني عن ابن عمر فقال البيهقي: هو خطأ من وجهين:
أحدهما وصله بذكر ابن عمر. والآخر أنه رواه عن إبراهيم عن ربيعة، وإنما رواه إبراهيم عن ابن المنكدر والحمل فيه على عمار بن مطر الرهاوي فقد كان يقلب الأسانيد ويسرق الأحاديث حتى كثر ذلك في رواياته وسقط عن حد الاحتجاج به. وروي عن البيهقي أنه قال: لم يسنده غير ابن أبي يحيى يعني إبراهيم المذكور، وقد