فرق بين عصر وعصر ويجاب عن كلام احمد المذكور بأن المخالفين لطاوس من أصحاب ابن عباس إنما نقلوا عن ابن عباس رأيه وطاوس نقل عنه روايته فلا مخالفة وأما ما قاله ابن المنذر من أنه لا يظن بابن عباس ان يحفظ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ويفتى بخلافه فيجاب عنه بان الاحتمالات المسوغة لترك الرواية والعدول إلى الرأي كثيرة منها النسيان ومنها قيام دليل عند الراوي لم يبلغنا ونحن متعبدون بما بلغنا دون ما لم يبلغ. وبمثل هذا يجاب عن كلام أبى داود المذكور (ومن الأجوبة) عن حديث ابن عباس المذكور ما نقله البيهقي عن الشافعي أنه قال يشبه أن يكون ابن عباس علم شيئا نسخ ويجاب بان النسخ إن كان بدليل من كتاب أو سنة فما هو وإن كان بالاجماع فأين هو على أنه يبعد أن يستمر الناس أيام أبي بكر وبعض أيام عمر علي أمر منسوخ وإن كان الناسخ قول عمر المذكور فحاشاه أن ينسخ سنة ثابتة بمحض رأيه وحاشا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يجيبوه إلى ذلك. ومن الأجوبة دعوى الاضطراب كما زعمه القرطبي في الفهم وهو زعم فاسد لا وجه له. ومنها ما قاله ابن العربي ان هذا حديث مختلف في صحته فكيف يقدم على الاجماع ويقال أين الاجماع الذي جعلته معارضا للسنة الصحيحة ومنها انه ليس في سياق حديث ابن عباس ان ذلك كان يبلغ النبي صلى الله عليه آله وسلم حتى يقرره والحجة إنما هي في ذلك وتعقب بان قول الصحابة كنا نفعل كذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حكم المرفوع على ما هو الراجح وقد عملتم بمثل هذا في كثير من المسائل الشرعية والحاصل ان القائلين بالتتابع قد استكثروا من الأجوبة على حديث ابن عباس وكلها غير خارجة عن دائرة التعسف والحق أحق بالاتباع فان كانت تلك المحاماة لأجل مذاهب الأسلاف فهي أحقر وأقل من أن تؤثر على السنة المطهرة وان كانت لأجل عمر بن الخطاب فأين يقع المسكين من رسول الله صلى الله عليه آله وسلم ثم أي مسلم من المسلمين يستحسن عقله وعامه ترجيح قول صحابي على قول مصطفى (واحتج القائلون) بأنه لا يقع شئ لا واحدة ولا أكثر منها بقوله تعالى: * (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * (البقرة: 229) فشرط في وقوع الثالثة أن تكون في حال يصح من الزوج فيها الامساك، إذ من حق كل مخير بينهما أن يصح كل واحد منهما، وإذا لم يصح الامساك
(١٩)