ولو استضر أهل قرية فيهم جذمى بمخالطتهم في الماء، فإن قدروا على استنباط ماء بلا ضرر أمروا به، وإلا استنبطه لهم الآخرون أو أقاموا من يستقي لهم وإلا فلا يمنعون. قال النووي في شرح مسلم في حديث: لا يورد ممرض على مصح قال العلماء: الممرض صاحب الإبل المراض، والمصح صاحب الإبل الصحاح، فمعنى الحديث: لا يورد صاحب الإبل المراض إبله على إبل صاحب الإبل الصحاح لأنه ربما أصابها المرض بفعل الله تعالى وقدره الذي أجرى به العادة لا بطبعها، فيحصل لصاحبها ضرر بمرضها، وربما حصل له ضرر أعظم من ذلك باعتقاد العدوي بطبعها فيكفروا الله أعلم انتهى. وأشار إلى نحو هذا الكلام ابن بطال. وقيل: النهي ليس للعدوى بل للتأذي بالرائحة الكريهة ونحوها حكاه ابن رسلان في شرح السنن. وقال ابن الصلاح: ووجه الجمع أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها، لكن الله سبحانه جعل مخالطة المريض للصحيح سببا لأعدائه مرضه، ثم قد يتخلف ذلك عن سببه كما في غيره من الأسباب. قال الحافظ ابن جحر في شرح النخبة: والأولى في الجمع أن يقال إن نفيه صلى الله عليه وآله وسلم للعدوي باق على عمومه، وقد صح قوله لا يعدي شئ شيئا. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون بين الإبل الصحيحة فيخالطها فتجرب حيث رد عليه بقوله: فمن أعدى الأول يعني أن الله سبحانه ابتدأ ذلك في الثاني كما ابتدأه في الأول. قال: وأما الامر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع لئلا يتفق للشخص الذي يخالفه شئ من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية، فيظن أن ذلك بسبب مخالطته فيعتقد صحة العدوي فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسما للمادة انتهى. والمناسب للعمل الأصولي في هذه الأحاديث المذكورة في الباب هو أن يبنى عموم لا عدوى ولا طيرة على الخاص، وهو ما قدمنا من حديث الشؤم في ثلاث. وحديث: فر من المجذوم. وحديث: لا يورد ممرض على مصح وما في معناها . وقد بسطنا الكلام على هذه المسألة في جواب سؤال سميناه إتحاف المهرة بالكلام على حديث لا عدوى ولا طيرة. قوله: ومنا رجال يخطون قال ابن عباس في
(٣٧٧)