قال: ولم يصرح القوم بالكفر وإنما قالوا أقوالا تؤدي إلى الكفر. وقال الغزالي في كتاب التفرقة بين الايمان والزندقة: الذي ينبغي الاحتراز عن التكفير ما وجد إليه سبيلا، فإن استباحة دماء المسلمين المقرين بالتوحيد خطأ، والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم مسلم واحد. قال ابن بطال: ذهب جمهور العلماء إلى أن الخوارج غير خارجين من جملة المسلمين. قال: وقد سئل علي عن أهل النهروان هل كفروا؟ فقال: من الكفر فروا. قال الحافظ: وهذا إن ثبت عن علي حمل على أنه لم يكن اطلع على معتقدهم الذي أوجب تكفيرهم عند من كفرهم. قال القرطبي في المفهم: والقول بتكفيرهم أظهر في الحديث، قال: فعلى القول بتكفيرهم يقاتلون ويقتلون وتغنم أموالهم وهو قول طائفة من أهل الحديث في أموال الخوارج، وعلى القول بعدم تكفيرهم يسلك بهم مسلك أهل البغي إذا شقوا العصا ونصبوا الحرب، قال: وباب التكفير باب خطر ولا نعدل بالسلامة شيئا.
وعن مروان بن الحكم قال: صرخ صارخ لعلي يوم الجمل: لا يقتلن مدبر ولا يذفف على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن رواه سعيد بن منصور. وعن الزهري قال: هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متوافرون، فأجمعوا أن لا يقاد أحد، ولا يؤخذ مال على تأويل القرآن إلا ما وجد بعينه ذكره أحمد في رواية الأثرم واحتج به.
أثر مروان أخرج نحوه أيضا ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي من طريق عبد خير عن علي بلفظ: نادى منادي علي يوم الجمل: ألا لا يتبع مدبرهم ولا يذفف على جريحهم. وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لابن مسعود: يا ابن أم عبد ما حكم من بغى من أمتي؟ قال: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم ولا يقتل أسيرهم وفي لفظ: ولا يذفف على جريحهم وزاد: ولا يغنم فيئهم سكت عنه الحاكم. وقال ابن عدي: هذا الحديث غير محفوظ. وقال البيهقي: ضعيف. قال الحافظ في بلوغ المرام وصححه الحاكم فوهم لأن في إسناده كوثر بن حكيم وهو متروك، قال: وصح عن علي من طرق نحوه موقوفا أخرجه ابن أبي شيبة والحاكم اه. وكوثر المذكور قد صرح بتركه البخاري. وأخرج البيهقي عن أبي أمامة