أبيه عن جده: أن ابن محيصة الأصغر أصبح قتيلا على أبواب خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أقم شاهدين على من قتله أدفعه إليكم برمته، فقال: يا رسول الله ومن أين أصيب شاهدين؟ وإنما أصبح قتيلا على أبوابهم، قال: فتحلف خمسين قسامة، فقال: يا رسول الله فكيف أحلف على ما لم أعلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فاستحلف منهم خمسين قسامة، فقال: يا رسول الله كيف نستحلفهم وهم اليهود؟ فقسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ديته عليهم وأعانهم بنصفها رواه النسائي.
الحديث الأول سكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح إلا الحسن بن علي بن راشد وقد وثق. والحديث الثاني في إسناده عمرو بن شعيب وقد تقدم الكلام عليه، والراوي عنه عبيد الله بن الأخنس وقد حسن الحافظ في الفتح إسناد هذا الحديث، والكلام على ما اشتمل عليه الحديثان من أحكام القسامة يأتي في بابها، وأوردهما المنصف ههنا للاستدلال بهما على أنه يثبت القتل بشهادة شاهدين، ولا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه يقول باشتراط زيادة على شهادة شاهدين في القصاص، ولكنه وقع الخلاف في قبول شهادة النساء في القصاص كالمرأتين مع الرجل، فحكى صاحب البحر عن الأوزاعي والزهري أن القصاص كالأموال فيكفي فيه شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، وظاهر اقتصاره على حكاية ذلك عنهما فقط أن من عداهما يقول بخلافه، والمعروف من مذهب الهادوية أنها لا تقبل في القصاص إلا شهادة رجلين أصلين لا فرعين، والمعروف في مذهب الشافعية أنه يكفي في الشهادة على المال والعقود المالية شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، وفي عقوبة لله تعالى كحد الشرب وقطع الطريق أو لآدمي كالقصاص رجلان. قال النووي في المنهاج ما لفظه: ولمال وعقد مالي كبيع وإقالة وحوالة وضمان وحق مالي كخيار رجلان أو رجل وامرأتان ولغير ذلك من عقوبة لله تعالى أو لآدمي وما يطلع عليه رجال غالبا كنكاح وطلاق ورجعة وإسلام وردة وجرح وتعديل وموت وإعسار ووكالة ووصاية وشهادة على شهادة رجلان انتهى. واستدل الشارح المحلي للأول بقوله تعالى: * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) * (البقرة: 282) قال: وعموم الاشخاص مستلزم لعموم الأحوال المخرج منه