لم يشرع العفو عن القاتل ويستفاد من الحديث أن إقامة الحد كفارة للذنب ولو لم يتب المحدود. قال في الفتح: وهو قول الجمهور، وقيل لا بد من التوبة، وبذلك جزم بعض التابعين وهو قول المعتزلة ووافقهم ابن حزم ومن المفسرين البغوي وطائفة يسيرة. قوله: فهو إلى الله قال المازري: فيه رد على الخوارج الذين يكفرون بالذنوب، ورد على المعتزلة الذين يوجبون تعذيب الفاسق إذا مات بلا توبة، لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبرنا بأنه تحت المشيئة ولم يقل لا بد أن يعذبه. وقال الطيبي: فيه إشارة إلى الكف عن الشهادة بالنار على أحد أو بالجنة لأحد إلا من ورد النص فيه بعينه. قوله: إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه يشمل من تاب من ذلك ومن لم يتب، وإلى ذلك ذهبت طائفة، وذهب الجمهور إلى أن من تاب لا يبقى عليه مؤاخذة، ومع ذلك فلا يأمن من مكر الله لأنه لا اطلاع له هل قبلت توبته أم لا؟ وقيل:
يفرق بين ما يجب فيه الحد وما لا يجب. قوله: انطلق إلى أرض كذا وكذا الخ.
قال العلماء في هذا استحباب مفارقة التائب للمواضع التي أصاب بها الذنوب والأخدان المساعدين له على ذلك ومقاطعتهم ما داموا على حالهم، وأن يستبدل بهم صحبة أهل الخير والصلاح والمتعبدين الورعين. قوله: نصف الطريق هو بتخفيف الصاد أي بلغ نصفها كذا قال النووي. قوله: فقال قيسوا ما بين الأرضين هذا محمول على أن الله تعالى أمرهم عند اشتباه الامر عليهم واختلافهم فيه أن يحكموا رجلا يمر بهم فمر الملك في صورة رجل فحكم بذلك. وقد استدل بهذا الحديث على قبول توبة القاتل عمدا. قال النووي: هذا مذهب أهل العلم وإجماعهم ولم يخالف أحد منهم إلا ابن عباس. وأما ما نقل عن بعض السلف من خلاف هذا فمراد قائله الزجر والتورية لا أنه يعتقد بطلان توبته، وهذا الحديث وإن كان شرع من قبلنا وفي الاحتجاج به خلاف فليس هذا موضع الخلاف وإنما موضعه إذا لم يرد شرعنا بموافقته وتقريره، فإن ورد كان شرعا لنا بلا شك وهذا قد ورد شرعنا به وذلك قوله تعالى: * (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس) * (الفرقان: 68 70) إلى قوله: * (إلا من تاب) * (الفرقان: 70) الآية. وأما قوله تعالى: * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) * (النساء: 93) فقال النووي في شرح مسلم: إن الصواب في معناها أن جزاءه جهنم، فقد يجازى بذلك وقد يجازى بغيره، وقد لا يجازى بل يعفى عنه، فإن قتل عمدا مستحلا بغير حق ولا