وآله وسلم إذ جئ برجل قاتل في عنقه النسعة قال: فدعا ولي المقتول فقال: أتعفو؟
قال لا، قال: أفتأخذ الدية؟ قال لا، قال: أفتقتل؟ قال نعم، قال: اذهب به فلما كان في الرابعة قال: أما إنك إن عفوت عنه فإنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه، قال: فعفا عنه، قال : فأنا رأيته يجر النسعة. قوله: بنسعة بكسر النون وسكون السين بعدها عين مهملة. قال في القاموس: النسع بالكسر سير ينسج عريضا على هيئة أعنة البغال تشد به الرحال، والقطعة منه نسعة، وسمي نسعا لطوله، الجمع نسع بالضم ونسع بالكسر كعنب وأنساع ونسوع. قوله: نحتطب من الاحتطاب. ووقع في نسخة نختطب من الاختباط. قوله: إن قتله فهو مثله قد استشكل هذا بعد إذنه صلى الله عليه وآله وسلم بالاقتصاص وإقرار القاتل بالقتل على الصفة المذكورة، والأولى حمل هذا المطلق على المقيد بأنه لم يرد قتله بذلك الفعل. قال المصنف رحمه الله تعالى: وقال ابن قتيبة في قوله إن قتله فهو مثله لم يرد أنه مثله في المأثم، وكيف يريده والقصاص مباح؟ ولكن أحب له العفو فعرض تعريضا أوهمه به أنه إن قتله كان مثله في الاثم ليعفو عنه، وكان مراده أنه يقتل نفسا كما أن الأول قتل نفسا وإن كان الأول ظالما والآخر مقتصا. وقيل معناه كان مثله في حكم البواء فصارا متساويين لا فضل للمقتص إذا استوفي على المقتص منه. وقيل أراد ردعه عن قتله لأن القاتل ادعى أنه لم يقصد قتله، فلو قتله الولي كان في وجوب القود عليه مثله لثبت منه قصد القتل، يدل عليه ما روى أبو هريرة قال: قتل رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدفع القاتل إلى وليه فقال القاتل: يا رسول الله والله ما أردت قتله، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أما إنه إن كان صادقا فقتلته دخلت النار فخلاه الرجل وكان مكتوفا بنسعة فخرج يجر نسعته قال: فكان يسمى ذا النسعة رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وصححه انتهى. وأخرج هذا الحديث أيضا النسائي وهو مشتمل على زيادة وهي تقييد الاقرار بأنه لم يرد القتل بذلك الفعل فيتعين قبولها، ويحمل المطلق على المقيد كما تقدم، فيكون عدم قصد القتل موجبا لكون القتل خطأ، ولكنه يشكل على قول من قال إن عدم قصد القتل إنما يصير القتل من جنس الخطأ إذا كان بما مثله لا يقتل في العادة لا إذا كان مثله يقتل في العادة فإنه يكون عمدا وإن لم يقصد به القتل، وإلى هذا ذهبت الهادوية، والحديث يرد عليهم.