وقبيصة بن ذؤيب من أولاد الصحابة ولد عام الفتح، وقيل: إنه ولد أول سنة من الهجرة، ولم يذكر له سماع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعده الأئمة من التابعين وذكروا أنه سمع الصحابة، قال المنذري: وإذا ثبت أن مولده أول سنة من الهجرة أمكن أن يكون سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقد قيل: إنه أتى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو غلام يدعو له، وذكر عن الزهري أنه كان إذا ذكر قبيصة بن ذؤيب قال: كان من علماء هذه الأمة وأما أبوه ذؤيب بن حلحلة فله صحبة انتهى ورجال الحديث مع إرساله ثقات وأعله الطحاوي بما أخرجه من طريق الأوزاعي أن الزهري راويه قال: بلغني عن قبيصة ولم يذكر أنه سمع منه، وعورض بأنه رواه ابن وهب عن يونس قال: أخبرني الزهري أن قبيصة حدثه أنه بلغه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويونس أحفظ لحديث الزهري من الأوزاعي. وأخرج عبد الرزاق عن ابن المنكدر مثله. وأما حديث أبي هرير فقد قدمنا من أخرجه ومن صححه. وفي الباب عن الشريد بن أوس الثقفي عند أحمد والأربعة والدارمي والطبراني وصححه الحاكم. وعن شرحبيل الكندي عند أحمد والطبراني وابن منده ورجاله ثقات. وعن أبي الرمداء براء مهملة مفتوحة وميم ساكنة ودال مهملة وبالمد عند الطبراني وابن منده وفي إسناده ابن لهيعة وفيه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بضرب عنقه وأنه ضرب عنقه. فإن ثبت هذا كان فيه رد على من يقول: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يعمل به. (وقد اختلف العلماء) هل يقتل الشارب بعد الرابعة أو لا؟ فذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه يقتل، ونصره ابن حزم واحتج له ودفع دعوى الاجماع على عدم القتل وهذا هو ظاهر ما في الباب عن ابن عمرو. وذهب الجمهور إلى أنه لا يقتل الشارب وأن القتل منسوخ. قال الشافعي: والقتل منسوخ بهذا الحديث وغيره يعني حديث قبيصة ابن ذؤيب، ثم ذكر أنه لا خلاف في ذلك بين أهل العلم. وقال الخطابي: قد يرد الامر كالوعيد ولا يراد به الفعل وإنما يقصد به الردع والتحذير، وقد يحتمل أن يكون القتل في الخامسة واجبا ثم نسخ بحصول الاجماع من الأمة على أنه لا يقتل انتهى. وحكى المنذري عن بعض أهل العلم أنه قال: أجمع المسلمون على وجوب الحد في الخمر، وأجمعوا على أنه لا يقتل إذا تكرر منه إلا طائفة شاذة قالت: يقتل بعد حده أربع مرات للحديث وهو عند الكافة منسوخ انتهى. وقال الترمذي: إنه لا يعلم في ذلك اختلافا بين أهل
(٣٢٦)