الطلاق كما حكاه الموزعي في تيسير البيان، والرجعة قرينته فلا يجب فيها كما لا يجب فيه، والاحتجاج بالأثر المذكور في الباب لا يصلح للاحتجاج لأنه قول صحابي في أمر من مسارح الاجتهاد، وما كان كذلك فليس بحجة لولا ما وقع من قوله: طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة. وأما قوله تعالى: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) * (الطلاق: 2) فهو وارد عقب قوله: * (فأمسكوهن بمعروف) * (البقرة: 231) الآية، وقد عرفت الاجماع على عدم وجوب الاشهاد على الطلاق، والقائلون بعدم الوجوب يقولون بالاستحباب.
وعن عائشة قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك رواه الجماعة. لكن لأبي داود معناه من غير تسمية الزوجين. وعن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: العسيلة هي الجماع رواه أحمد والنسائي. وعن ابن عمر قال: سئل نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا ويتزوجها آخر فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يطلقها قبل أن يدخل بها هل تحل للأول؟ قال: لا حتى يذوق العسيلة رواه أحمد والنسائي وقال قال لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر.
حديث عائشة الثاني أخرجه أيضا أبو نعيم في الحلية، قال الهيثمي: فيه أبو عبد الملك لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح. وحديث ابن عمر هو من رواية سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن رزين بن سليمان الأحمري عن ابن عمر. وروي أيضا من طريق شعبة عن علقمة بن مرثد عن سالم بن رزين عن سالم بن عبد الله عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر. قال النسائي: والطريق الأولى أولى بالصواب. قال الحافظ: وإنما قال ذلك لأن الثوري أتقن وأحفظ من شعبة، وروايته أولى بالصواب من وجهين: أحدهما أن شيخ علقمة هو رزين بن سليمان كما قال الثوري، لا سالم بن رزين كما قال شعبة، فقد رواه جماعة عن شعبة كذلك منهم غيلان بن جامع أحد الثقات.
ثانيهما: أن الحديث لو كان عند سعيد بن المسيب عن ابن عمر مرفوعا لم يخالفه سعيد ويقول بغيره كما سيأتي. (وفي الباب) عن عائشة غير حديث الباب عند أبي داود بنحو حديث ابن عمر، وعن ابن عباس نحوه عند النسائي. وعن أبي هريرة عند