وأبو عبيد وأبو ثور وبعض المالكية والشافعية وحكاه أيضا في البحر عن أمير المؤمنين علي وزيد بن علي والمنصور بالله والثوري والحسن بن صالح أنه يلزمها الاحداد، والحق الاقتصار على مورد النص عملا بالبراءة الأصلية فيما عداه، فمن ادعى وجوب الاحداد على غير المتوفى عنها فعليه الدليل، وأما المطلقة قبل الدخول فقال في الفتح إنه لا إحداد عليها اتفاقا. قوله: فوق ثلاث فيه دليل على جواز الاحداد على غير الزوج من قريب ونحوه ثلاث ليال فما دونها وتحريمه فيما زاد عليها، وكأن هذا القدر أبيح لأجل حظ النفس ومراعاتها وغلبة الطباع البشرية.
وأما ما أخرجه أبو داود في المراسيل من حديث عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخص للمرأة أن تحد على أبيها سبعة أيام وعلى من سواه ثلاثة أيام، فلو صح لكان مخصصا للأب من هذا العموم لكنه مرسل، وأيضا عمرو بن شعيب ليس من التابعين حتى يدخل حديثه في المرسل، وقال الحافظ: يحتمل أن أبا داود لا يخص المرسل برواية التابعي. قوله: والله ما لي بالطيب من حاجة إشارة إلى أن آثار الحزن باقية عندها لكنها لم يسعها إلا امتثال الامر. قوله: وقد اشتكت عينها قال ابن دقيق العيد: يجوز فيه وجهان: ضم النون على الفاعلية على أن تكون العين هي المشتكية، وفتحها على أن يكون في اشتكت ضمير الفاعل، ويرجح الأول أنه وقع في مسلم عيناها وعليها اقتصر النووي. قوله: أفنكحلها بضم الحاء. قوله: حفشا بكسر الحاء المهملة وسكون الفاء بعدها معجمة فسره أبو داود في روايته من طريق مالك أنه البيت الصغير. قوله: فتقتض به بفاء ثم مثناة من فوق ثم قاف ثم مثناة فوقية ثم ضاد معجمة فسره مالك بأنها تمسح به جلدها، وفي النهاية فرجها، وأصل القض الكسر أي تكسر ما كانت فيه وتخرج منه بما فعلت بالدابة. وفي رواية للنسائي: تقبص بعد القاف باء موحدة ثم صاد مهملة، والقبص الاخذ بأطراف الأنامل. قال الأصبهاني وابن الأثير: هو كناية عن الاسراع أي تذهب بسرعة إلى منزل أبويها لكثرة جفائها بقبح منظرها أو لشدة شوقها إلى الأزواج لبعد عهدها. قال ابن قتيبة: سألت الحجازيين عن الاقتضاض فذكروا أن المعتدة كانت لا تمس ماء ولا تقلم ظفرا ولا تزيل شعرا ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر ثم تقتض أي تكسر ما كانت فيه من العدة