من حديث الربيع وأبي الزبير كما ذكره المصنف. ومن حديث عائشة عند أبي داود بلفظ وفارقها وثبت أيضا من حديث الربيع أيضا عند النسائي بلفظ وتلحق بأهلها. ورواية الجماعة أرجح من رواية الواحد. وأيضا قد روي عن ابن عباس هذا الحديث بدون ذكر الطلاق من طريقين كما في الباب. وأيضا ابن عباس من جملة القائلين بأنه فسخ ويبعد منه أن يذهب إلى خلاف ما يرويه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد حكي ذلك عن ابن عباس ابن عبد البر، ولكنه ادعى شذوذ ذلك عنه قال: إذ لا يعرف أحد نقل عنه بأنه فسخ وليس بطلاق إلا طاوس. قال في الفتح: وفيه نظر لأن طاوسا ثقة حافظ فقيه فلا يضر تفرده، وقد تلقى العلماء ذلك بالقبول، ولا أعلم من ذكر الاختلاف في المسألة إلا وجزم أن ابن عباس كان يراه فسخا انتهى. وقال الخطابي في معالم السنن: أنه احتج ابن عباس على أنه ليس بطلاق بقول الله تعالى (الطلاق مرتان) * (البقرة: 229) انتهى. وأما الاحتجاج بقول الله تعالى: * (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) * (البقرة: 228) فيجاب عنه أولا بمنع اندراج الخلع تحت هذا العموم لما قررناه من كونه ليس بطلاق. وثانيا بأنا لو سلمنا أنه طلاق لكان ذلك العموم مخصصا بما ذكرنا من الأحاديث، فيكون بعد ذلك التسليم طلاقا عدته حيضة. واحتجوا أيضا على كونه طلاقا بأنه قول أكثر أهل العلم كما حكى ذلك الترمذي فقال: قال أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم أن عدة المختلعة عدة المطلقة انتهى.
ويجاب بأن ذلك مما لا يكون حجة في مقام النزاع بالاجماع لما تقرر أن الأدلة الشرعية. إما الكتاب أو السنة أو القياس أو الاجماع على خلاف في الأخيرين.
وأيضا قد عارض حكاية الترمذي حكاية ابن القيم فإنه قال: لا يصح عن صحابي أنه طلاق البتة. قال ابن القيم أيضا: والذي يدل على أنه ليس بطلاق أنه تعالى رتب على الطلاق بعد الدخول ثلاثة أحكام كلها منتفية عن الخلع. أحدها: أن الزوج أحق بالرجعة فيه. الثاني: أنه محسوب من الثلاث فلا تحل بعد استيفاء العدد إلا بعد دخول زوج وإصابة. الثالث: أن العدة ثلاثة قروء. وقد ثبت بالنص والاجماع أنه لا رجعة في الخلع انتهى. قال الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير في بحث له: وقد استدل أصحابنا يعني الزيدية على أنه طلاق بثلاثة أحاديث ثم ذكرها وأجاب عنها بوجوه حاصلها أنها مقطوعة الأسانيد، وأنها معارضة بما هو أرجح، وإن أهل