تردد فيه، فالاستبراء لازم فيها، وكل من غلب على الظن براءة رحمها لكنه يجوز حصوله، فإن المذهب فيه على وجهين: في ثبوت الاستبراء وسقوطه، ومن القائلين بأن الاستبراء إنما هو للعلم ببراءة الرحم فحيث تعلم البراءة لا يجب، وحيث لا يعلم ولا يظن يجب، أبو العباس بن سريج وأبو العباس بن تيمية وابن القيم، ورجحه جماعة من المتأخرين منهم الجلال والمقبلي والمغربي والأمير وهو الحق لا العلة معقولة، فإذا لم توجد المئنة كالحمل ولا المظنة كالمرأة المزوجة فلا وجه لايجاب الاستبراء والقول بأن الاستبراء تعبدي، وأنه يجب في حق الصغيرة، وكذا في حق البكر، والآيسة ليس عليه دليل.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يقعن رجل على امرأة وحملها لغيره رواه أحمد. وعن رويفع بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه ولد غيره رواه أحمد والترمذي وأبو داود وزاد: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها وفي لفظ: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا ينكحن ثيبا من السبايا حتى تحيض رواه أحمد ومفهومه أن البكر لا تستبرأ.
وقال ابن عمر: إذا وهبت الوليدة التي توطأ أو بيعت أو أعتقت فلتستبرأ بحيضة ولا تستبرأ العذراء، حكاه البخاري في صحيحه. وقد جاء في حديث عن علي رضي الله عنه ما الظاهر حمله على مثل ذلك، فروى بريدة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا إلى خالد يعني إلى اليمن ليقبض الخمس فاصطفى علي منه سبية فأصبح وقد اغتسل فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا وكنت أبغض عليا؟ فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكرت له ذلك فقال يا بريدة أتبغض عليا؟ فقلت: نعم، فقال: لا تبغضه فإن له في الخمس أكثر من ذلك رواه أحمد والبخاري. وفي رواية قال: أبغضت عليا بغضا لم أبغضه أحدا، وأحببت رجلا من قريش لم أحببه إلا على بغضه عليا، قال: فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته فأصبنا سبايا قال: فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابعث إلينا من يخمسه، قال: فبعث إلينا عليا، وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي، قال: فخمس وقسم فخرج ورأسه يقطر، فقلنا: يا أبا الحسن ما هذا؟ قال: ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السبي؟ فإني قسمت وخمست فصارت في الخمس ثم صارت