الغربة فيه، قيل: وأقله مسافة قصر. وحكي في البحر عن علي وزيد بن علي والصادق والناصر في أحد قوليه أن التغريب هو حبس سنة، وأجاب عنه بأنه مخالف لوضع التغريب، وتعقبه صاحب ضوء النهار بأن مخالفة الوضع لا تنافي التجوز وهما مشتركان في فقد الأنيس، قال: ومنه بدأ الدين غريبا وسيعود غريبا وجعل قرينة المجاز حديث النهي عن سفر المرأة مع غير محرم، ويجاب عن هذا التعقب بأن الواجب حمل الأحكام الشرعية على ما هي حقيقة فيه في لسان الشارع، ولا يعدل عن ذلك إلى المجاز إلا لملجئ ولا ملجئ هنا، فإن التغريب المذكور في الأحاديث شرعا هو إخراج الزاني عن موضع إقامته بحيث يعد غريبا، والمحبوس في وطنه لا يصدق عليه ذلك الاسم، وهذا المعنى هو المعروف عند الصحابة الذين هم أعرف بمقاصد الشارع، فقد غرب عمر من المدينة إلى الشام، وغرب عثمان إلى مصر، وغرب ابن عمر أمته إلى فدك. وأما النهي عن سفر المرأة فلا يصلح جعله قرينة على أن المراد بالتغريب هو الحبس. أما أولا فلان النهي مقيد بعدم المحرم. وأما ثانيا فلأنه عام مخصوص بأحاديث التغريب. وأما ثالثا فلان أمر التغريب إلى الامام لا إلى المحدود، ونهى المرأة عن السفر إذا كانت مختارة له، وأما مع الاكراه من الامام فلا نهي يتعلق بها. قوله:
جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله في هذا الحديث وكذلك في حديث عبادة المذكور بعده، وحديث جابر بن عبد الله دليل على أنه يجمع للمحصن بين الجلد والرجم. أما الرجم فهو مجمع عليه. وحكي في البحر عن الخوارج أنه غير واجب، وكذلك حكاه عنهم أيضا ابن العربي، وحكاه أيضا عن بعض المعتزلة كالنظام وأصحابه ولا مستند لهم إلا أنه لم يذكر في القرآن وهذا باطل. فإنه قد ثبت بالسنة المتواترة المجمع عليها. وأيضا هو ثابت بنص القرآن لحديث عمر عند الجماعة أنه قال: كان مما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آية الرجم فقرأناها ووعيناها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورجمنا بعده، ونسخ التلاوة لا يستلزم نسخ الحكم كما أخرجه أبو داود من حديث ابن عباس. وقد أخرج أحمد والطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة بن سهل عن خالته العجماء أن فيما أنزل الله من القرآن الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة. وأخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي بن كعب بلفظ: كانت سورة الأحزاب توازي