اه. وقد أخرج البزار زيادة في هذا الحديث تبين المراد وهي: إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النار. ويؤيده ما أخرجه مسلم بلفظ: لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس زمان لا يدري القاتل فيم قتل ولا المقتول فيم قتل، فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: الهرج القاتل والمقتول في النار قال القرطبي: فبين هذا الحديث أن القتال إذا كان على جهل من طلب دنيا أو اتباع هوى فهو الذي أريد بقوله القاتل والمقتول في النار. قال الحافظ: ومن ثم كان الذين توقفوا عن القتال في الجمل وصفين أقل عددا من الذين قاتلوا وكلهم متأول مأجور إن شاء الله، بخلاف من جاء بعدهم ممن قاتل على طلب الدنيا اه. وهذا يتوقف على صحة نيات جميع المقتتلين في الجمل وصفين، وإرادة كل واحد منهم الدين لا الدنيا، وصلاح أحوال الناس لا مجرد الملك، ومناقشة بعضهم لبعض مع علم بعضهم بأنه المبطل وخصمه المحق، ويبعد ذلك كل البعد ولا سيما في حق من عرف منهم الحديث الصحيح أنها تقتل عمارا الفئة الباغية، فإن إصراره بعد ذلك على مقاتلة من كان معه عمار معاندة للحق وتماد في الباطل، كما لا يخفى على منصف وليس هذا منا محبة لفتح باب المثالب على بعض الصحابة فإنا كما علم الله من أشد الساعين في سد هذا الباب والمنفرين للخاص والعام عن الدخول فيه، حتى كتبنا في ذلك رسائل وقعنا بسببها مع المتظهرين بالرفض والمحبين له بدون تظهر في أمور يطول شرحها حتى رمينا تارة بالنصب وتارة بالانحراف عن مذاهب أهل البيت، وتارة بالعداوة للشيعة، وجاءتنا الرسائل المشتملة على العتاب من كثير من الأصحاب والسباب من جماعة من غير ذوي الألباب. ومن رأى ما لأهل عصرنا من الجوابات على رسالتنا التي سميناها (إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي)، وقف على بعض أخلاق القوم وما جبلوا عليه من عداوة من سلك مسلك الانصاف وآثر نص الدليل على مذاهب الأسلاف، وعداوة الصحابة الأخيار وعدم التقييد بمذاهب الآل الأطهار، فإنا قد حكينا في تلك الرسالة إجماعهم على تعظيم الصحابة رضي الله عنهم، وعلى ترك السب لأحد منهم من ثلاث عشرة طريقا، وأقمنا الحجة على من يزعم أنه من أتباع أهل البيت ولا يتقيد بمذاهبهم في مثل هذا الامر الذي هو مزلة أقدام المقصرين فلم يقابل ذلك بالقبول والله المستعان، وأقول:
(٢٠٠)