تقدم من المقال وبما فيه من الاضطراب، ويجاب بأن الحديث صالح للاحتجاج به، والاضطراب ممنوع باعتبار محل الحجة. وأما احتجاجهم بمثل قوله تعالى: * (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) * (النساء: 141) وبنحو حديث: الاسلام يعلو فغير نافع لأنه عام وحديث الباب خاص. واعلم أنه ينبغي قبل التخيير والاستهام ملاحظة ما فيه مصلحة للصبي، فإذا كان أحد الأبوين أصلح للصبي من الآخر قدم عليه من غير قرعة ولا تخيير، هكذا قال ابن القيم واستدل على ذلك بأدلة عامة نحو قوله تعالى : * (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) * (التحريم: 6) وزعم أن قول من قال بتقديم التخيير أو القرعة مقيد بهذا. وحكى عن شيخه ابن تيمية أنه قال: تنازع أبوان صبيا عند الحاكم فخير الولد بينهما فاختار أباه فقالت أمه: سله لأي شئ يختاره؟ فسأله فقال: أمي تبعثني كل يوم للكاتب والفقيه يضرباني وأبي يتركني ألعب مع الصبيان فقضى به للام، ورجح هذا ابن تيمية، واستدل له بنوع من أنواع المناسب. ولا يخفى أن الأدلة المذكورة في خصوص الحضانة خالية عن مثل هذا الاعتبار مفوضة حكم الأحقية إلى محض الاختيار، فمن جعل المناسب صالحا لتخصيص الأدلة أو تقييدها فذاك، ومن أبي ووقف على مقتضاها كان في تمسكه بالنص وموافقته له أسعد من غيره.
باب نفقة القيق والرفق بهم عن عبد الله بن عمرو أنه قال لقهرمان له: هل أعطيت الرقيق قوتهم؟
قال: لا، قال: فانطلق فأعطهم فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته رواه مسلم. وعن أبي هرير عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل ما لا يطيق رواه أحمد ومسلم. وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: هم إخوانكم وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يعده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه متفق عليه. وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين، فإنه