بعض أهل الشام وثار مروان فادعى الخلافة وغلب على جميع الشام ثم مصر، فظهر الخوارج حينئذ بالعراق مع نافع بن الأزرق وباليمامة منجدة بن عامر، وزاد نجدة على معتقد الخوارج أن من لم يخرج ويحارب المسلمين فهو كافر ولو اعتقد معتقدهم، وعظم البلاء بهم وتوسعوا في معتقدهم الفاسد، فأبطلوا رجم المحصن وقطعوا يد السارق من الإبط، وأوجبوا الصلاة على الحائض في حال حيضها، وكفروا من ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر إن كان قادرا وإن لم يكن قادرا فقد ارتكب كبيرة، وحكم مرتكب الكبيرة عندهم حكم الكافر، وكفوا عن أموال أهل الذمة وعن التعرض لهم مطلقا، وفتكوا في المنتسبين إلى الاسلام بالقتل والسبي والنهب، فمنهم من يفعل ذلك مطلقا بغير دعوة، ومنهم من يدعو أولا ثم يفتك، ولم يزل البلاء بهم إلى أن أمر المهلب بن أبي صفرة على قتالهم فطاولهم حتى ظفر بهم وتقلل جمعهم ، ثم لم يزل منهم بقايا في طول الدولة الأموية وصدر الدولة العباسية، ودخلت طائفة منهم المغرب، وقد صنف في أخبارهم أبو مخنف بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح النون بعدها فاء واسمه لوط بن يحيى كتابا لخصه الطبري في تاريخه، وصنف في أخبارهم أيضا الهيثم بن عدي كتابا، ومحمد بن قدامة الجوهري أحد شيوخ البخاري خارج الصحيح كتابا كبيرا، وجمع أخبارهم أبو العباس المبرد في كتابه الكامل لكن بغير أسانيد بخلاف المذكورين من قبله، هذا خلاصة معتقد الخوارج. والسبب الذي لأجله خرجوا وهو مجمع عليه عند علماء الاخبار وبه يتبين بطلان ما حكاه الرافعي في كلامه السالف. وقد وردت بما ذكرنا من أصل حال الخوارج أخبار جياد، منها ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، وأخرج نحوه الطبري عن يونس عن الزهري، وأخرج نحو ذلك ابن أبي شيبة عن أبي رزين، قال القاضي أبو بكر بن العربي: الخوارج صنفان أحدهم يزعم أن عثمان وعليا وأصحاب الجمل وصفين وكل من رضي بالتحكيم كفار، والآخر يزعم أن كل من أتى كبيرة فهو كافر مخلد في النار أبدا. وقال غيره: بل الصنف الأول متفرع عن الصنف الثاني، لأن الحامل لهم على تكفير أولئك كونهم أذنبوا فيما فعلوه بزعمهم. وقال ابن حزم: ذهب نجدة بن عامر الحروري من الخوارج إلى أن من أتى صغيرة عذب بغير النار ومن أدمن
(٣٤١)