إقامة الحد إذا ثبت والنهي عن الشفاعة فيه. وروي عن أبي حنيفة أنه يسقط القطع بالعفو مطلقا، والحديث يرد عليه بقوله: فهلا كان قبل أن تأتيني به الاخبار له عما ذكره من البيع أو الهبة أنهما إنما يصحان قبل الرفع إلى الامام لا بعده، وفيه دليل على أن القطع يسقط بالعفو قبل الرفع وهو مجمع عليه. وقد استدل بحديثي الباب من قال بعدم اشتراط الحرز، وقد سبق ذكرهم في الباب الذي قبل هذا، ويرد بأن المسجد حرز لما داخله من آلته وغيرها، وكذلك الصفة المذكورة في حديث ابن عمر، ولا سيما بعد أن جعل صفوان خميصته تحت رأسه كما ثبت في الروايات. وأما جعل المسجد حرزا لآلته فقط فخلاف الظاهر، ولو سلم ذلك كان غايته تخصيص الحرز بمثل المسجد ونحوه مما يستوي الناس فيه لما في ترك القطع في ذلك من المفسدة. وأما التمسك بعموم آية السرقة فلا ينتهض للاستدلال به لأنه عموم مخصوص بالأحاديث القاضية باعتبار الحرز، ومما يؤيد اعتباره قول صاحب القاموس: السرقة والاستراق المجئ مستترا لاخذ مال غيره من حرز، فهذا إمام من أئمة اللغة جعل الحرز جزءا من مفهوم السرقة، وكذا قال ابن الخطيب في تيسير البيان.
باب ما جاء في المختلس والمنتهب والخائن وجاحد العارية عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع رواه الخمسة وصححه الترمذي.
الحديث أخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وابن حبان وصححه، وفي رواية له عن ابن جريج عن عمرو بن دينا وأبي الزبير عن جابر وليس فيه ذكر الخائن.
ورواه ابن الجوزي في العلل من طريق مكي بن إبراهيم عن ابن جريج وقال:
لم يذكر فيه الخائن غير مكي. قال الحافظ: قد رواه ابن حبان من غير طريقه فأخرجه من حديث سفيان عن أبي الزبير عن جابر بلفظ: ليس على المختلس ولا على الخائن قطع وقال ابن أبي حاتم في العلل: لم يسمعه ابن جريج من أبي الزبير إنما سمعه من ياسين بن معاذ الزيات وهو ضعيف، وكذا قال أبو داود. قال الحافظ أيضا: وقد رواه المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر، وأسنده النسائي من