مقيد بالأحاديث المذكورة في الباب. واستدلوا ثانيا بحديث أبي هريرة المذكور في الباب فإن فيه: يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده. وقد أجيب عن ذلك أن المراد تحقير شأن السارق وخسار ما ربحه، وأنه إذا جعل السرق عادة له جرأه ذلك على سرقة ما فوق البيضة والحبل حتى يبلغ إلى المقدار الذي تقطع به الأيدي، هكذا قال الخطابي وابن قتيبة وفيه تعسف، ويمكن أن يقال المراد المبالغة في التنفير عن السرقة وجعل ما لا قطع فيه بمنزلة ما فيه القطع كما في حديث: من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة وحديث: تصدقي ولو بظلف محرق مع أن مفحص القطاة لا يكون مسجدا، والظلف المحرق لا ثواب في التصدق به لعدم نفعه، ولكن مقام الترغيب في بناء المساجد والصدقة اقتضى ذلك على أنه قد قيل إن المراد بالبيضة بيضة الحديد كما وقع في الباب عن الأعمش ولا شك أن لها قيمة، وكذلك الحبل فإن في الحبال ما تزيد قيمته على ثلاثة دراهم كحبال السفن ولكن مقام المبالغة لا يناسب ذلك، وقد تقدم أن أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه قطع في بيضة حديد ثمنها ربع دينار. الحادي عشر: أنه يثبت القطع في درهم فصاعدا لا دونه حكاه في البحر عن البتي وروي عن ربيعة. هذه جملة المذاهب المذكورة في المسألة وقد جعلها في الفتح عشرين مذهبا ولكن البقية على ما ذكرنا لا يصلح جعلها مذاهب مستقلة لرجوعها إلى ما حكيناه.
باب اعتبار الحرز والقطع فيما يسرع إليه الفساد عن رافع بن خديج قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا قطع في ثمر ولا كثر رواه الخمسة. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الثمر المعلق فقال: من أصاب منه بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شئ عليه، ومن خرج بشئ فعليه غرامة مثليه والعقوبة، ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع رواه النسائي وأبو داود. وفي رواية قال: سمعت رجلا من مزينة يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الحريسة التي توجد في مراتعها قال: فيها ثمنها مرتين وضرب نكال وما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن،