الكلام على حديث المخزومية الذي ذكره المصنف . باب في حد القطع وغيره هل يستوفى في دار الحرب أم لا؟
عن بسر بن أرطأة: أنه وجد رجلا يسرق في الغزو فجلده ولم يقطع يده وقال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن القطع في الغزو رواه أحمد وأبو داود والنسائي وللترمذي منه المرفوع. وعن عبادة بن الصامت: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: جاهدوا الناس في الله القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه.
حديث بسر بن أرطأة سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: غريب ورجال إسناده عند أبي داود ثقات إلى بسر. وفي إسناد الترمذي ابن لهيعة، وفي إسناد النسائي بقية بن الوليد، واختلف في صحبة بسر المذكور، وهو بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة وبعدها راء قرشي عامري كنيته أبو عبد الرحمن، فقيل له صحبة، وقيل لا صحبة له، وأن مولده بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وله أخبار مشهورة، وكان يحيى بن معين لا يحسن الثناء عليه. قال المنذري: وهذا يدل على أنه عنده لا صحبة له. ونقل في الخلاصة عن ابن معين أنه قال:
لا صحبة له وأنه رجل سوء ولي اليمن وله بها آثار قبيحة انتهى. ونقل عبد الغني أن حديثه في الدعاء فيه التصريح بسماعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد غمزه الدارقطني، ولا يرتاب منصف أن الرجل ليس بأهل للرواية، وقد فعل في الاسلام أفاعيل لا تصدر عمن في قلبه مثقال حبة من إيمان، كما تضمنت ذلك كتب التاريخ المعتبرة، فثبوت صحبته لا يرف القدح عنه على ما هو المذهب الراجح، بل هو إجماع لا يختلف فيه أهل العلم، كما حققنا ذلك في غير هذا الموضع، وحققه العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في تنقيحه، ولكن إذا كان المناط في قبول الرواية هو تحري الصدق وعدم الكذب فلا ملازمة بين القدح في العدالة وعدم قبول الرواية، وهذا يتمشى على قول من قال: إن الكفر والفسق مظنة تهمة لا من قال إنهما سلب أهلية على ما تقرر في الأصول. وحديث عبادة بن الصامت أخرج أوله الطبراني في الأوسط