وإذا كان ثبوت الزنا بالاقرار وجب أن يكون الامام أول من يرجم أو مأموره، لما عند أبي داود في رواية من حديث أبي بكرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجم امرأة وكان هو أول من رماها بحصاة مثل الحمصة ثم قال: ارموها واتقوا الوجه ويجاب بأن مجرد هذا الفعل لا يدل على الوجوب. وأما حديث العسيف المتقدم فلا يدل قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيه: واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها على وجوب البداءة بذلك منه، بل غايته الامر بنفس الرجم بالرجم الخاص الذي هو محل النزاع. وأما ما رواه المصنف في الباب عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فإنما ينتهض للاحتجاج به على قول من يقول بالحجية لا على من يخالف في ذلك والمقام مقام اجتهاد. ولهذا حكى صاحب البحر عن العترة والشافعي أنه لا يلزم الامام حضور الرجم وهو الحق لعدم دليل يدل على الوجوب، ولما تقدم في حديث ماعز أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر برجم ماعز ولم يخرج معهم والزنا منه ثبت بإقراره كما سلف، وكذلك لم يحضر في رجم الغامدية كما زعم البعض، قال في التلخيص: لم يقع في طرق الحديثين أنه حضر، بل في بعض الطرق ما يدل على أنه لم يحضر، وقد جزم بذلك الشافعي قال: وأما الغامدية ففي سنن أبي داود وغيره ما يدل على ذلك، وإذا تقرر هذا تبين عدم الوجوب على الشهود ولا على الامام، وأما الاستحباب فقد حكى ابن دقيق العيد أن الفقهاء استحبوا أن يبدأ الامام بالرجم إذا ثبت الزنا بالاقرار وتبدأ الشهود به إذا ثبت بالبينة.
باب ما في الحفر للمرجوم عن أبي سعيد قال: لما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نرجم ماعز بن مالك خرجنا به إلى البقيع، فوالله ما حفرنا له ولا أوثقناه ولكن قام لنا فرميناه بالعظام والخزف فاشتكى فخرج يشتد حتى انتصب لنا في عرض الحرة فرميناه بجلاميد الجندل حتى سكت. وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : جاءت الغامدية فقالت: يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني وأنه ردها، فلما كان الغد قالت: يا رسول الله لم ترددني لعلك ترددني كما رددت ماعزا؟ فوالله إني لحبلى، قال: