القوم فسكت فتكلما قال: أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم؟ فقالوا: وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: فتبرئكم يهود بخمسين يمينا، فقالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفار؟ فعقله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عنده رواه الجماعة.
وفي رواية متفق عليها: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته، فقالوا: أمر لم نشهده، كيف نحلف؟ قال: فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم، قالوا: يا رسول الله قوم كفار وذكر الحديث بنحوه، وهو حجة لمن قال: لا يقسمون على أكثر من واحد. وفي لفظ لأحمد: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تسمون قاتلكم ثم تحلفون عليه خمسين يمينا ثم تسلمه وفي رواية متفق عليها: فقال لهم: تأتون بالبينة على من قتله؟ قالوا: ما لنا من بينة، قال:
فيحلفون؟ قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود، فكره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبطل دمه فوداه بمائة من إبل الصدقة.
قوله: ما جاء في القسامة بفتح القاف وتخفيف السين المهملة وهي مصدر أقسم والمراد بها الايمان، واشتقاق القسامة من القسم كاشتقاق الجماعة من الجمع. وقد حكى إمام الحرمين أن القسامة عند الفقهاء اسم للايمان، وعند أهل اللغة اسم للحالفين، وقد صرح بذلك في القاموس، وقال في الضياء: إنها الايمان. وقال في المحكم: إنها في اللغة الجماعة ثم أطلقت على الايمان. قوله: أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية القسامة في الجاهلية قد أخرج البخاري والنسائي صفتها عن ابن عباس أن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم، كان رجل من بني هاشم استأجره رجل من بني قريش من فخذ أخرى فانطلق معه في إبله فمر به رجل من بني هاشم قد انقطعت عروة جوالقه فقال: أغثني بعقال أشد به عروة جوالقي لا تنفر الإبل، فأعطاه عقالا فشد به عروة جوالقه فلما نزلوا عقلت الإبل إلا بعيرا واحدا فقال الذي استأجره: ما بال هذا البعير لم يعقل من بين الإبل؟ قال: ليس له عقال، قال: فأين عقاله؟ فحذفه بعصا كان فيه أجله، فمر به رجل من أهل اليمن فقال: أتشهد الموسم؟
قال: ما أشهده وربما شهدته، قال: هل أنت مبلغ عني رسالة مرة من الدهر؟ قال:
نعم فإذا شهدت فناد يا قريش فإذا أجابوك فناد يا آل بني هاشم فإن أجابوك فسل عن أبي طالب فأخبره أن فلانا قتلني في عقال ومات المستأجر، فلما قدم