من التوقيت أي لم يقدره بقدر ولا حده بحد. وقد استدل بهذا الحديث من قال: إن حد السكر غير واجب وأنه غير مقدور وإنما هو تعزير فقط كما تقدم. وأجيب عن هذا بأنه قد وقع الاجماع من الصحابة على وجوبه. وحديث ابن عباس المذكور قد قيل إنه كان قبل أن يشرع الجلد ثم شرع الجلد، والأولى أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما لم يقم على ذلك الرجل الحد لكونه لم يقر لديه ولا قامت عليه بذلك الشهادة عنده، وعلى هذا بوب المصنف، فيكون في ذلك دليل على أنه لا يجب على الامام أن يقيم الحد على شخص بمجرد إخبار الناس له أنه فعل ما يوجبه ، ولا يلزمه البحث بعد ذلك لما قدمنا من مشروعية الستر وأولوية ما يدرأ الحد على ما يوجبه، وأثر ابن مسعود المذكور فيه متمسك لمن يجوز للامام والحاكم، ومن صلح أن يقيم الحدود إذا علم بذلك، وإن لم يقع من فاعل ما يوجبها إقرار ولا قامت عليه البينة به. وقد خالف في أصل حكم الحاكم بما علم مطلقا شريح والشعبي وابن أبي ليلى والأوزاعي ومالك وأحمد وإسحاق والشافعي في قول له فقالوا: لا يجوز له أن يقضي بما علم مطلقا. وقال الناصر والمؤيد بالله في قول له والشافعي في قول له أيضا: أنه يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في كل شئ من غير فرق بين الحد وغيره. وذهبت العترة إلى أنه يحكم بعلمه في الأموال دون الحدود إلا في حد القذف فإنه يحكم فيه بعلمه، ويدل على ذلك ما أخرجه البخاري تعليقا أن عمر قال لعبد الرحمن: لو رأيت رجلا على حد فقال:
أرى شهادتك شهادة رجل من المسلمين قال أصبت، وصله البيهقي. ويؤيده حديث: لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها في قصة الملاعنة وقد تقدم، فإن ذلك يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد علم زناها.
باب ما جاء في قدر التعزير والحبس في التهم عن أبي بردة بن نيار أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى رواه الجماعة إلا النسائي.
وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبس رجلا في تهمة ثم خلى عنه رواه الخمسة إلا ابن ماجة.