من الجراح على ذلك، وإن قتلها قتل بها. ورويناه عن الزهري وغيره. وعن النخعي والشعبي وعمر بن عبد العزيز. قال البيهقي: وروينا عن الشعبي وإبراهيم خلافه فيما دون النفس. واختلف الجمهور هل يتوفى ورثة الرجل من ورثة المرأة أم لا؟ فذهب الهادي والقاسم والناصر وأبو العباس وأبو طالب إلى أنهم يتوفون نصف دية الرجل.
وحكاه البيهقي عن عثمان البتي وحكاه أيضا السعد في حاشية الكشاف عن مالك.
وذهبت الشافعية والحنفية وزيد بن علي والمؤيد بالله والامام يحيى إلى أنه يقتل الرجل بالمرأة ولا توفية. وقد احتج القائلون بثبوت القصاص بقوله تعالى: * (النفس بالنفس) * (المائدة: 45) ويجاب عن ذلك بما قدمنا في الباب الأول من أن هذه الآية حكاية عن بني إسرائيل كما يدل على ذلك قوله تعالى: * (وكتبنا عليهم فيها) * (المائدة: 45) أي في التوراة. وقد صرح صاحب الكشاف بأنها واردة لحكاية ما كتب في التوراة على أهلها، فتكون هذه الآية مفسرة أو مقيدة أو مخصصة بقوله تعالى: * (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) * (البقرة: 178) وهذه الآية تدل على اعتبار الموافقة ذكورة وأنوثة وحرية وقد أجاب السعد عن هذا في حاشيته على الكشاف بوجوه. الأول: أن القول بالمفهوم إنما هو على تقدير أن لا يظهر للقيد فائدة، وههنا الفائدة أن الآية إنما نزلت لذلك. والثاني: أنه لو اعتبر ذلك لزم أن لا تقتل الأنثى بالذكر نظرا إلى مفهوم بالأنثى، قال: وهذا يرد على ما ذكرنا أيضا ويدفع بأنه يعلم بطريق الأولى.
والثالث: أنه لا عبرة بالمفهوم في مقابلة المنطوق الدال على قتل النفس بالنفس كيفما كانت. (لا يقال) تلك حكاية عما في التوراة لا بيان للحكم في شريعتنا.
لأنا نقول: شرائع من قبلنا لا سيما إذا ذكرت في كتابنا حجة، وكم مثلها في أدلة أحكامنا حتى يظهر الناسخ، وما ذكر هنا يعني في البقرة يصلح مفسرا فلا يجعل ناسخا.
وأما أن تلك يعني آية المائدة ليست ناسخة لهذه فلأنها مفسرة بها فلا تكون هي منسوخة بها. ودليل آخر على عدم النسخ أتلك أعني النفس بالنفس حكاية لما في التوراة، وهذه أعني الحر بالحر الخطاب لنا وحكم علينا فلا ترفعها تلك، وإلى هذا أشار يعني الزمخشري بقوله: ولا تلك عطفا على مضمون قوله ويقولون هي مفسرة، لكنهم يقولون إن المحكي في كتابنا من شريعة من قبلنا بمنزلة المنصوص المقرر فيصلح ناسخا، وما ذكرنا من كونه مفسرا إنما يتم لو كان قولنا النفس بالنفس