إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين والله الذي لا إله إلا هو لقد سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: أي والله الذي لا إله إلا هو حتى استحلفه ثلاثا وهو يحلف. والمخدج المذكور هو ذو الثدية، وكان في يده مثل ثدي المرأة، على رأسه حلمة مثل حلمة الثدي، عليه شعرات مثل سبالة السنور. قوله: إلا فهما هكذا في رواية بالنصب على الاستثناء. وفي رواية بالرفع على البدل، والفهم بمعنى المفهوم من لفظ القرآن أو معناه. قوله: وما في هذه الصحيفة أي الورقة المكتوبة والعقل الدية، وسميت بذلك لأنهم كانوا يعطون الإبل ويربطونها بفناء دار المقتول بالعقال وهو الحبل. وفي رواية الديات أي تفصيل أحكامها. قوله: وفكاك الأسير بكسر الفاء وفتحها أي أحكام تخليص الأسير من يد العدو والترغيب فيه. قوله:
وأن لا يقتل مسلم بكافر دليل على أن المسلم لا يقاد بالكافر، أما الكافر الحربي فذلك إجماع كما حكاه صاحب البحر. وأما الذمي فذهب إليه الجمهور لصدق اسم الكافر عليه. وذهب الشعبي والنخعي وأبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يقتل المسلم بالذمي، واستدلوا بقوله في حديث علي وعمرو بن شعيب: ولا ذو عهد في عهده ووجهه أنه معطوف على قوله مؤمن فيكون التقدير: ولا ذو عهد في عهده بكافر كما في المعطوف عليه، والمراد بالكافر المذكور في المعطوف هو الحربي فقط بدليل جعله مقابلا للمعاهد، لأن المعاهد يقتل بمن كان معاهدا مثله من الذميين إجماعا، فيلزم أن يقيد الكافر في المعطوف عليه بالحربي كما قيد في المعطوف، لأن الصفة بعد متعدد ترجع إلى الجميع اتفاقا فيكون التقدير: لا يقتل مؤمن بكافر حربي، ولا ذو عهد في عهده بكافر حربي، وهو يدل بمفهومه على أن المسلم يقتل بالكافر الذمي، ويجاب أولا بأن هذا مفهوم صفة، والخلاف في العمل به مشهور بين أئمة الأصول، ومن جملة القائلين بعدم العمل به الحنفية فكيف يصح احتجاجهم به ؟ وثانيا: بأن الجملة المعطوفة أعني قوله: ولا ذو عهد في عهده لمجرد النهي عن قتل المعاهد فلا تقدير فيها أصلا، ورد بأن الحديث مسوق لبيان القصاص لا للنهي عن القتل، فإن تحريم قتل المعاهد معلوم من ضرورة أخلاق الجاهلية فضلا عن الاسلام، وأجيب عن هذا الرد بأن الأحكام الشرعية إنما تعرف من كلام الشارع، وكون تحريم قتل المعاهد معلوما من أخلاق الجاهلية لا يستلزم معلوميته في شريعة الاسلام، كيف والأحكام الشرعية جاءت بخلاف القواعد الجاهلية، فلا بد من معرفة أن الشريعة الاسلامية