عليه وآله وسلم لا في مدة بقية الحمل، وأكثر ما قيل فيه بالتصريح شهران وبغيره دون أربعة أشهر. وقد ذهب جمهور أهل العلم من السلف وأئمة الفتوى في الأمصار إلى أن الحامل إذا مات عنها زوجها تنقضي عدتها بوضع الحمل. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن علي بسند صحيح أنها تعتقد بآخر الأجلين. ومعناه أنها إن وضعت قبل مضي أربعة أشهر وعشر تربصت إلى انقضائها، وإن انقضت المدة قبل الوضع تربصت إلى الوضع، وبه قال ابن عباس وروي عنه أنه رجع. وروي عن ابن أبي ليلى أنه أنكر على ابن سيرين القول بانقضاء عدتها بالوضع، وأنكر أن يكون ابن مسعود قال بذلك، وقد ثبت عن ابن مسعود من عدة طرق أنه كان يوافق الجمهور حتى كان يقول: من شاء لاعنته على ذلك. وقد حكى صاحب البحر عن الشعبي والقاسمية والمؤيد بالله والناصر موافقة علي على اعتبار آخر الأجلين، وأما أبو السنابل فهو وإن كان في حديث الباب ما يدل على أنه يذهب إلى اعتبار آخر الأجلين لكنه قد روى عنه الرجوع عن ذلك. وقد نقل المازري وغيره عن سحنون من المالكية أنه يقول بقول علي، قال الحافظ: وهو مردود لأنه إحداث خلاف بعد استقرار الاجماع، والسبب الذي حمل القائلين باعتبار آخر الأجلين الحرص على العمل بالآيتين أعني قوله تعالى: * (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) * (البقرة: 234) فإن ظاهر ذلك أنه عام في كل من مات عنها زوجها سواء كانت حاملا أو غير حامل. وقوله تعالى: * (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) * (الطلاق: 4) عام يشمل المطلقة والمتوفى عنها، فجمعوا بين العمومين بقصر الآية الثانية على المطلقة بقرينة ذكر عدد المطلقات كالآيسة والصغيرة قبلها، ولم يهملوا ما تناولته من العموم فعملوا بها وبالتي قبلها في حق المتوفى عنها. قال القرطبي: هذا نظر حسن، فإن الجمع أولى من الترجيح باتفاق أهل الأصول، لكن حديث سبيعة وسائر الأحاديث المذكورة في الباب نص بأنها تنقضي عدة المتوفى عنها بوضع الحمل. وفي ذلك أحاديث أخر: منها ما أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: كنت أنا وابن عباس وأبو هريرة فجاء رجل فقال: أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها
(٨٨)