يشهد على الشرب والآخر على القئ، ووجه الاستدلال بذلك أنه وقع بمجمع من الصحابة ولم ينكر، وإليه ذهب مالك والناصر والقاسمية. وذهبت الشافعية والحنفية إلى أنه لا يكفي ذلك للاحتمال لامكان أن يكون المتقيئ لها مكرها على شربها أو نحو ذلك. قوله: ول حارها بحاء مهملة وبعد الألف راء مشددة قال في القاموس: والحار من العمل شاقه وشديده اه. وقارها بالقاف وبعد الألف راء مشددة أي ما لا مشقة فيه من الأعمال، والمراد ول الأعمال الشاقة من تولي الأعمال التي لا مشقة فيها، استعار للمشقة الحر ولما لا مشقة فيه البرد. قوله: جمعتا بضم الجيم وفتح الميم والعين لفظ تأكيد للشهادتين: كما يقال جمع لتأكيد ما فوق الاثنتين، وفي بعض النسخ جميعا وهو الصواب. (والأحاديث) المذكورة في البا ب فيها دليل على مشروعية حد الشرب، وقد ادعى القاضي عياض الاجماع على ذلك. وقال في البحر مسألة: ولا ينقص حده عن الأربعين إجماعا. وذكر أن الخلاف إنما هو في الزيادة على الأربعين. وحكى ابن المنذر والطبري وغيرهما عن طائفة من أهل العلم أن الخمر لا حد فيها وإنما فيها التعزير، واستدلوا بالأحاديث المروية عنه صلى الله عليه وآله وسلم وعن الصحابة من الضرب بالجريد والنعال والأردية، وبما أخرجه عبد الرزاق عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفرض في الخمر حدا وإنما كان يأمر من حضره أن يضربوه بأيديهم ونعالهم حتى يقول لهم: ارفعوا. وأخرج أبو داود والنسائي بسند قوي عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يوقت في الخمر حدا وبما سيأتي في باب من وجد منه سكر أو ريح. وأجيب بأنه قد انعقد إجماع الصحابة على جلد الشارب، واختلافهم في العدد إنما هو بعد الاتفاق على ثبوت مطلق الجلد، وسيأتي في الباب المشار إليه الجواب عن بعض ما تمسكوا به. وقد ذهبت العترة ومالك والليث وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي في قوله إلى أن حد السكران ثمانون جلدة وذهب أحمد وداود وأبو ثور والشافعي في المشهور عنه إلى أنه أربعون لأنها هي التي كانت في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم وزمن أبي بكر وفعلها علي في زمن عثمان كما سلف، واستدل الأولون بأن عمر جلد ثمانين بعدما استشار الصحابة كما سلف، وبما سيأتي عن علي أنه أفتى بأنه يجلد ثمانين، وبما في حديث أنس المذكور: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جلد في الخمر نحو أربعين بجريدتين. (والحاصل) أن دعوى إجماع الصحابة غير مسلمة، فإن اختلافهم في ذلك قبل إمارة عمر وبعدها وردت
(٣١٩)