أنه قال: إنما رجم النبي صلى الله عليه وآله وسلم اليهوديين لأن اليهود يومئذ لم يكن لهم ذمة فتحاكموا إليه، وتعقب بأنه صلى الله عليه وآله وسلم إذا أقام الحد على من لا ذمة له فلان يقيمه على من له ذمة بالأولى، كذا قال الطحاوي. وقال القرطبي معترضا على قول مالك: إن مجئ اليهود سائلين له صلى الله عليه وآله وسلم يوجب لهم عهدا كما لو دخلوا للتجارة فإنهم في أمان إلى أن يردوا إلى مأمنهم. وأجاب بعضهم بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لما أمر برجمهما من دون استفصال عن الاحصان كان دليلا على أنه حكم بينهم بشرعهم لأنه لا يرجم في شرعه إلا المحصن، وتعقب ذلك بأنه قد ثبت في طريق عند الطبراني أن أحبار اليهود اجتمعوا في بيت المدراس وقد زنى رجل منهم بامرأة بعد إحصانهما. وأخرج أبو داود عن أبي هريرة قال: زنى رجل وامرأة من اليهود وقد أحصنا وفي إسناده رجل من مزينة لم يسم. وأخرج الحاكم من حديث ابن عباس: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهودي ويهودية قد أحصنا وأخرج البيهقي من حديث عبد الله بن الحرث الزبيدي: أن اليهود أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيهودي ويهودية قد زنيا وقد أحصنا. وإسناده ضعيف، فهذا يدل على أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد علم الاحصان بأخبارهم له لأنهم جاؤوا إليه سائلين يطلبون رخصة فيبعد أن يكتموا عنه مثل ذلك. (ومن جملة) ما تمسك به من قال إن الاسلام شرط حديث ابن عمر مرفوعا وموقوفا: من أشرك بالله فليس بمحصن ورجح الدارقطني وغيره الوقف. وأخرجه إسحاق ابن راهويه في مسنده على الوجهين، ومنهم من أول الاحصان في هذا الحديث بإحصان القذف. ولأحاديث الباب فوائد ليس هذا موضع بسطها.
باب اعتبار تكرار الاقرار بالزنا أربعا عن أبي هريرة قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أبك جنون؟ قال: لا، قال: فهل أحصنت؟ قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: