والامام يحيى إلى أنه يجلد ولا يرجم. قال الامام يحيى: والذمي كالحربي في الخلاف.
وقال مالك: لا حد عليه. وأما الحربي المستأمن فذهبت العترة والشافعي وأبو يوسف إلى أنه يحد، وذهب مالك وأبو حنيفة ومحمد إلى أنه لا يحد، وقد بالغ ابن عبد البر فنقل الاتفاق، على أن شرط الاحصان الموجب للرجم هو الاسلام، وتعقب بأن الشافعي وأحمد لا يشترطان ذلك، ومن جملة من قال بأن الاسلام شرط ربيعة شيخ مالك وبعض الشافعية. (وأحاديث الباب) تدل على أنه يحد الذمي كما يحد المسلم. والحربي والمستأمن يلحقان بالذم بجامع الكفر. وقد أجاب من اشترط الاسلام عن أحاديث الباب بأنه صلى الله عليه وآله وسلم إنما أمضى حكم التوراة على أهلها ولم يحكم عليهم بحكم الاسلام، وقد كان ذلك عند مقدمة المدينة، وكان إذ ذاك مأمورا باتباع حكم التوراة ثم نسخ ذلك الحكم بقوله تعالى: * (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم) * (النساء: 15) ولا يخفى ما في هذا الجواب من التعسف ونصب مثله في مقابلة أحاديث الباب من الغرائب، وكونه صلى الله عليه وآله وسلم فعل ذلك عند مقدمة المدينة لا ينافي ثبوت الشرعية، فإن هذا حكم شرعه الله لأهل الكتاب وقرره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا طريق لنا إلى ثبوت الاحكام التي توافق أحكام الاسلام إلا بمثل هذه الطريقة، ولم يتعقب ذلك في شرعنا ما يبطله، ولا سيما وهو مأمور بأن يحكم بينهم بما أنزل الله ومنهي عن اتباع أهوائهم، كما صرح بذلك القرآن، وقد أتوه صلى الله عليه وآله وسلم يسألونه عن الحكم ولم يأتوه ليعرفهم شرعهم، فحكم بينهم بشرعه ونبههم على أن ذلك ثابت في شرعهم كثبوته في شرعه، لا يجوز أن يقال إنه حكم بينهم بشرعهم مع مخالفته لشرعه، لأن الحكم منه عليهم بما هو منسوخ عنده لا يجوز على مثله، وإنما أراد بقوله: فإني أحكم بينكم بالتوراة. كما وقع في رواية من حديث أبي هريرة إلزامهم الحجة. وأما الاحتجاج بقوله تعالى: * (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم) * فغاية ما فيه أن الله شرع هذا الحكم بالنسبة إلى نساء المسلمين وهو مخرج على الغالب كما في الخطابات الخاصة بالمؤمنين والمسلمين، مع أن كثيرا منها يستوي فيه الكافر والمسلم بالاجماع، ولو سلمنا أن الآية تدل بمفهومها على أن نساء الكفار خارجات عن ذلك الحكم، فهذا المفهوم قد عارضه منطوق حديث ابن عمر المذكور في الباب فإنه مصرح بأنه صلى الله عليه وآله وسلم رجم اليهودية مع اليهودي، ومن غرائب التعصبات ما روي عن مالك