قوله: الخالة بمنزلة الام فيه دليل على أن الخالة في الحضانة بمنزلة الام، وقد ثبت بالاجماع أن الام أقدم الحواضن، فمقتضى التشبيه أن تكون الخالة أقدم من غيرها من أمهات الام وأقدم من الأب والعمات. وذهبت الشافعية والهادي إلى تقديم الأب على الخالة. وذهب الشافعي والهادوية إلى تقدم أم الام وأم الأب على الخالة أيضا. وذهب الناصر والمؤيد بالله وأكثر أصحاب الشافعي وهو رواية عن أبي حنيفة إلى أن الأخوات أقدم من الخالة. والأولى تقديم الخالة بعد الام على سائر الحواضن لنص الحديث وفاء بحق التشبيه المذكور وإلا كان لغوا. وقد قيل إن الأب أقدم من الخالة بالاجماع وفيه نظر، فإن صاحب البحر قد حكى عن الإصطخري أن الخالة أولى منه، ولم يحك القول بتقديم الأب عليها إلا عن الهادي والشافعي وأصحابه. وقد طعن ابن حزم في حديث البراء المذكور بأن في إسناده إسرائيل وقد ضعفه علي بن المديني ورد عليه بأنه قد وثقه سائر أهل الحديث، وتعجب أحمد من حفظه وقال ثقة. وقال أبو حاتم: هو أتقن أصحاب أبي إسحاق، وكفى باتفاق الشيخين على إخراج هذا الحديث دليلا. واستشكل كثير من الفقهاء وقوع القضاء منه صلى الله عليه وآله وسلم لجعفر وقالوا: إن كان القضاء له فليس بمحرم لها، وهو وعلي سواء في قرابتها، وإن كان القضاء للخالة فهي مزوجة. وسيأتي أن زواج الام مسقط لحقها من الحضانة فسقوط حق الخالة بالزواج أولى. وأجيب عن ذلك بأن القضاء للخالة والزواج لا يسقط حقها من الحضانة مع رضا الزوج كما ذهب إليه أحمد والحسن البصري والامام يحيى وابن حزم. وقيل: إن النكاح إنما يسقط حضانة الام وحدها حيث كان المنازع لها الأب، ولا يسقط حق غيرها ولا حق الام حيث كان المنازع لها غير الأب، وبهذا يجمع بين حديث الباب وحديث: أنت أحق به ما لم تنكحي الآتي وإليه ذهب ابن جريج.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وحجري له حواء، وثديي له سقاء، وزعم أبوه أنه ينزعه مني، فقال: أنت أحق به ما لم تنكحي رواه أحمد وأبو داود لكن في لفظه: وإن أباه طلقني وزعم أنه ينتزعه مني.
الحديث أخرجه أيضا البيهقي والحاكم وصححه، وهو من حديث عمرو بن