فتحدث إليهم، فإذا كان بالليل أمرها أن ترجع إلى بيتها. وأخرج أيضا عن ابن مسعود في نساء نعي إليهن أزواجهن وتشكين الوحشة فقال ابن مسعود: يجتمعن بالنهار ثم ترجع كل امرأة منهن إلى بيتها بالليل. وأخرج سعيد بمنصور عن علي رضي الله عنه أنه جوز للمسافرة الانتقال. وروى الحجاج بن منهال أن امرأة سألت أم سلمة بأن أباها مريض وأنها في عدة وفاة فأذنت لها في وسط النهار. وأخرج الشافعي وعبد الرزاق عن مجاهد مرسلا: أن رجالا استشهدوا بأحد فقال نساؤهم: يا رسول الله إنا نستوحش في بيوتنا أفنبيت عند إحدانا؟ فأذن لهن أن يتحدثن عند إحداهن فإذا كان وقت النوم تأوي كل واحدة إلى بيتها وحكي في البحر عن علي رضي الله عنه وابن عباس وعائشة وجابر والقاسمية أنه يجوز لها الخروج من موضع عدتها لقوله : * (يتربصن) * ولم يخص مكانا والبيان لا يؤخر عن الحاجة. وعن زيد بن علي والشافعية والحنفية أنه لا يجوز، ثم قال فرع: ولها الخروج نهارا ولا تبيت إلا في منزلها إجماعا انتهى. وحكاية الاجماع راجعة إلى مبيتها في منزلها لا إلى الخروج نهارا فإنه محل الخلاف كما عرفت. وحديث فريعة لم يأت من خالفه بما ينتهض لمعارضته فالتمسك به متعين، ولا حجة في أقوال أفراد الصحابة، ومرسل مجاهد لا يصلح للاحتجاج به على فرض انفراده عند من لم يقبل المراسيل مطلقا، وأما إذا عارضه مرفوع أصح منه كما في مسألة النزاع فلا يحل التمسك به بإجماع من يعتد به من أهل العلم، وقد استدل بحديث ابن عباس المذكور في الباب من قال: إن المتوفى عنها لا تستحق السكنى والنفقة والكسوة، قال الشافعي: حفظت عمن أرضى به من أهل العلم أن نفقة المتوفى عنها زوجا وكسوتها حولا منسوختان بآية الميراث، ولم أعلم مخالفا في نسخ نفقة المتوفى عنها وكسوتها سنة أو أقل من سنة، ثم قال ما معناه: إنه يحتمل أن يكون حكم السكنى حكمهما لكونها مذكورة معهما، ويحتمل أنها تجب لها السكنى.
وقال الشافعي أيضا في كتاب العدد: الاختيار لورثة الميت أن يسكنوها، لأن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث فريعة: امكثي في بيتك وقد ذكرت أنه لا بيت لزوجها يدل على وجوب سكناها في بيت زوجها إذا كان له بيت بالطريق الأولى. وأجيب عن الاستدلال لا بحديث ابن عباس بأن نسخ بعض المدة إنما يستلزم نسخ نفقة المنسوخ وكسوته وسكناه دون ما لم ينسخ وهو أربعة أشهر وعشر.