أذن لي فيها ساعة من نهار ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب، فقيل لأبي شريح: ماذا قال لك عمرو؟ قال، قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكة: إن هذا البلد حرام حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وأنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة متفق على أربعتهن. وعن عبد الله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن أعدى الناس على الله عز وجل من قتل في الحرم أو قتل غير قاتله أو قتل بذحول الجاهلية رواه أحمد، وله من حديث أبي شريح الخزاعي نحوه. وقال ابن عمر: لو وجدت قاتل عمر في الحرم ما هجته. وقال ابن عباس في الذي يصيب حدا ثم يلجأ إلى الحرم يقام عليه الحد إذا خرج من الحرم، حكاهما أحمد في رواية الأثرم.
حديث عبد الله بن عمر أخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه. وحديث أبي شريح الآخر الذي أشار إليه المصنف أخرجه أيضا الدارقطني والطبراني والحاكم، ورواه الحاكم والبيهقي من حديث عائشة بمعناه. وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس مرفوعا: أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومتبع في الاسلام سنة جاهلية ، ومطلب دم بغير حق ليهريق دمه. والملحد في الأصل هو المائل عن الحق. وأخرج عمر بن شبة عن عطاء بن يزيد قال: قتل رجل بالمزدلفة يعني في غزوة الفتح فذكر القصة وفيها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: وما أعلم أحدا أعتى على الله من ثلاثة:
رجل قتل في الحرم، أو قتل غير قاتله أو قتل بذحل في الجاهلية. قوله: عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل مكة الخ، قد تقدم هذا الحديث وشرحه في باب دخول مكة من غير إحرام من أبواب الحج. قوله: أن الله حبس عن مكة الفيل هو الحيوان المشهور. وأشار بحبسه عن مكة إلى قضية الحبشة وهي مشهورة ساقها ابن إسحاق مبسوطة. (وحاصل) ما ساقه أن أبرهة الحبشي لما غلب على اليمن وكان نصرانيا بنى كنيسة وألزم الناس بالحج إليها، فعمد بعض العرب فاستغفل الحجبة وتغوط وهرب ، فغضب أبرهة وعزم على تخريب الكعبة فتجهز في جيش كثيف واستصحب معه فيلا عظيما، فلما قرب من مكة خرج إليه عبد المطلب فأعظمه وكان جميل الهيئة فطلب منه