بن هزال أنه صلى الله عليه وآله وسلم أعرض عن ماعز في المرة الأولى والثانية والثالثة كما أخرجه أبو داود، وأخرجه أيضا أبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة، والاعراض لا يستلزم أن تكون المواضع التي أقر فيها المقر أربعة بلا شك ولا ريب، ولو سلم أنه يستلزم ذلك بقرينة ما روي أنه جاءه من جهة وجهه أولا، ثم من عن يمينه، ثم من عن شماله، ثم من ورائه، وسيأتي قريبا أنه كان يقر كل مرة في جهة غير الجهة الأولى، فهذا ليس فيه أيضا أن الاعراض لقصد تعدد الاقرار أو تعدد مجالسه، بل لقصد الاستثبات كما سلف لما سلف.
باب استفسار المقر بالزنا واعتبار تصريحه بما لا تردد فيه عن ابن عباس قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت، قال: لا يا رسول الله، قال: أفنكتها؟ لا يكني. قال:
نعم، فعند ذلك أمر برجمه رواه أحمد والبخاري وأبو داود. وعن أبي هريرة قال: جاء الأسلمي إلى نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حراما أربع مرات، كل ذلك يعرض عنه، فأقبل عليه في الخامسة فقال: أنكتها؟
قال: نعم، قال: كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر؟ قال: نعم، قال: فهل تدري ما الزنا؟ قال: نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا، قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: أريد أن تطهرني، فأمر به فرجم رواه أبو داود والدارقطني.
حديث أبي هريرة أخرجه أيضا النسائي وفي إسناده ابن الهضهاض، ذكره البخاري في تاريخه وحكى الخلاف فيه، وذكر له هذا الحديث وقال: حديثه في أهل الحجاز ليس يعرف إلا بهذا الواحد. قوله: أو غمزت بغين معجمة وزاي والمراد لعلك وقع منك هذه المقدمات فتجوزت بإطلاق لفظ الزنا عليها. وفي رواية: هل ضاجعتها؟ قال: نعم، قال: فهل باشرتها؟ قال: نعم، قال: هل جامعتها؟ قال: نعم. قوله: لا يكني بفتح أوله وسكون الكاف من الكناية أي أنه ذكر هذا اللفظ صريحا ولم يكن عنه بلفظ آخر كالجماع. قوله: المرود بكسر الميم الميل. قوله: والرشاء بكسر الراء قال في القاموس: والرشا ككساء الحبل، وفي هذا من المبالغة في الاستثبات والاستفصال